ويرد على الثالث والرابع طردًا وعكسًا وجوب الفاتحة وضم السورة فإن استعمال مثل حديثهما في نفي الفضيلة شائع والمجاز الشائع قادحٌ في القطع باعترافه كما في التسمية، وسنية تخليل اللحية والأصابع الثانية بالأمر القطعي الدلالة لا سيما مع اقترانه بالوعيد وفي أمثلته سعة، ويمكن الجواب بأن القواعد الأربع أصول يجوز العدول عنها لدليل كضعف قرنية المجاز في حديثهما وكشهرته فيهما وتكرر وروده في الفاتحة بخلاف حديث التسمية، وكورود حديثي التخليلين فيما ليس مقصودًا لذاته وهذا كحديث السعي فإنه من حيث كونها مصدرًا بالكتب ومعجزًا بالأمر يصح دالا على ركنيته بيانا لمجمل الحج كما قال الشافعي، لكن صيغة الإباحة في قوله تعالى:{فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا}[البقرة: ١٥٨]، أوجب العدول عنه فقلنا بالوجوب إما لأنه أقرب المَنازل أو فيه الإجماع أو الجمع بين دليلي الركنية والإباحة ومنها أن الخلع طلاق فيزيد به عدده لأنه تعالى بدأ بفعل الزوج وهو الطلاق ثم جمعهما في أن لا يقيما ثم أفرد فعل المرأة وهو الاقتداء بالذكر ففيه بيان بطريق الضرورة أن فعله ما سبق كما في قوله تعالى:{وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ}[النساء: ١١].
وسبب نزول الآية يفصح عن أنه الخلع لا الطلاق على المال ولا الرجعي ولا يلزم منه زيادة الطلاق على الثلاث مع سبق الطلقتين إذ ليس كل ذكر لبيان الوقوع والإلزام قطعا بل لبيان الشرعية ويحتمل أيضًا أن يكون تنويعًا للثاني إلى الخلع وغيره ويصدق عليه الطلاق بعوض أو للثالث المستفاد من التسريح على ما روي أو زرين عنه عليه السلام ويكون فإن طلقها بيان حكم الثالث، وفيه بعد الخروج الفاء عن التعقيب.
وقال الشافعي رضي الله عنه أولًا فسخ لأنه يحتمله كما بخيار عدم الكفاءة والعتق والبلوغ عندكم كالبيع قلنا تمامه لا نقبله وهذه الصور امتناع قبله والفروع منها أن الصريح يلحق البائن خلافًا للشافعى رضي الله عنه ويتحقق في المختلفة رواية واحدة وفي المطلقة على مال إحدى الروايتين عنه ولا يري البينونة في غيرهما له زوال النكاح كما بعد العدة.
قلنا فاء التعقيب في فإن طلقها المرتبة له على الخلع الذي هو أحد نوعي فعل الزوج المذكور في صدر الآية وذلك عين وصله يصدر الآية كما ذكره المفسرين؛ لأن وجود النوع والجنس واحد ذهابا إلى أن المراد به التطليق الشرعي مرة بعد مرة لا الرجعي وإلا لم يكن هذا أحد نوعية تفيد شرعيته عقيب الخلع؛ لأن بيان حكمه الخاص يستدعيها وحديث أبي سعيد الخدري يويدها فن وصله بصدر الآية بحيث فصله عن الاقتداء فقد