للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبطل التركيب، وهذا لا ينافي كون الطلقة الثالثة مستفادة من التسريح ولا تقتضى عدم مشروعيتها إلا بعد الخلع كما ظن فقبله أما بالتسريح أو لكونه مرتبا على صدر الآية، وهو أعم أو بالإجماع، أو بحديث العسيلة ومنها أن المفوضة تستحق مهر المثل بنفس العقد لا بالوطء فلو مات قبله أو طلق بعده يجب كلا وقبله متعة لا يزيد على نصفه وعند أكثر الشافعية به فلو مات أو طلق قبله فلا شيء وبعده يجب كلا واتفقا أنه إذا فرض فات أو طلق بعده يجب كمال المفروض وقبله نصفه لهم إنه خالص حقها، فيتمكن من نفيه ابتداء كما من إسقاطه انتهاء، قلنا: الماء في أن تبتغوا بأموالكم حقيقته الإلصاق بنص العربية، ففى غيره مجاز ترجيحًا له على الاشتراك فلا ينفك الطلب، أي: بالعقد الصحيح لا بالإجارة والمتعة لقوله تعالى: {غَيْرَ مُسَافِحِينَ} [النساء: ٢٤]، ولا بالنكاح الفاسد لتراخي وجوب المهر فيه إلى الوطء إجماعا عن المال وسائر النصوص المطلقة، وإن كانت مطلقة محمولة على المقيد لاتحاد الحكم والحادثة ككفارة اليمين.

وكما في اشتراط الشهود وحرمة جمع غير الأختين كلاهما بالخبر المشهور والمهر وجوبا حق الشرع إبانة لشرف المحل؛ ولقوله تعالى: {فَرَضْنَا} على وجه، وإنما يصير حقها حالة الملك فتملك الإبراء دون النفي، ومنها: أن المهر مقدر شرعًا بمقدار بعينه معلوم عند الله يظهر باصطلاح الزوجين أو المماثلة كالقيم الظاهرة بالتقويم وكخصال كفارة اليمين فلا يجوز أقل من عشرة دراهم (١).

وعند الشافعي رضي الله عنه كل ما يصلح ثمنًا يصلح مهرًا (٢)؛ لأنه حقها فالتقدير إليها، قلنا قوله تعالى: {مَا فَرَضْنَا} [الأحزاب: ٥٠]، أي قدرنا من مهور النساء وأعواض الإماء كما فسر به البعض يفيد أن المتولي لتقديره صاحب الشرع لكن لكونه مجملا في تعيين المقدار بالنسبة إلينا بينه حديث جابر رضي الله عنه من حيث نفي نقصانه أو قياسه على نصاب السرقة بجامع بدليه العضو وتقدير العبد امتثال به ظاهرًا به من حيث كونه فوق ما دون العشرة وباطنا بإظهار ما عينه في عمله فلا يلزم جواز الاصطلاح على ما دونها ولكون التقدير نافيا للنقصان كمقادير الزكاة لا الركعات جاز الزيادة، وقد مر أن المهر وجوبا حق الشرع إبانة للشرف بالتقدير بماله خطر قبل حقيقة الفرض القطع كما في سورة النور من الكشاف ففي التقدير مجاز كالبيان والإيجاب ولئن سلم فمشترك بينهما مع أن حمله على الإيجاب أولى هنا لوصله بولي، وإذ لم يقدر على المولي للإماء


(١) انظر المبسوط لشيخ الإِسلام السرخسي (٥/ ٦٦).
(٢) انظر الأم للإمام الشافعى (٥/ ١٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>