مبني للمفعول من الفعلين فيخرج به الإخبار القول عن الطلب، ومنه صيغة افعل مجردة عن القرائن الصارفة عن الأمر أي عما وضعت الصيغة له وهو الطلب الاستعلائي فالمعروف غير المعرف غير أنه تعريف بالمبهم، وأخري باعتبار الإرادة المقترنة بالصيغة كصيغة افعل بإرادات ثلاث إرادة وجود اللفظ ودلالته على الطلب والامتثال ليخرج نحو النائم ومثل التهديد وشبه المبلغ واشتراط مجموع الثلاث لتحقيق ماهية الأمر وإلا فالقيد الأخير كاف في الاحتراز كالفصل القريب والبعيد وأخرى بنفس الإرادة كإرادة الفعل واعتراض عليهما بأن قول السيد لعبده افعل كذا بحضرة سلطان توعد له بالإهلاك على ضربه ليعصيه فيتخلص أمر والألم يظهر عذره وهو مخالفة الأمر ولا يريد ما يفضي إلى هلاكه لكن قد يطلب إذا علم أن طلبه لا يفضي إلى وقوعه فهذا يبطل كون الإرداة عينه وشرطه وقد مر تمامه وإبطالهما بلزوم وقوع المأمورات لا يلزمهم لأن الإرادة عندهم ميل يتبع اعتقاد النفع أو دفع الضرر فيجوز تخلف مراد الله تعالى عندهم بسوء اختيار العبد، لا الصفة المخصصة بالوقوع ومنه يعلم فساد الاستدلال، بنحو إيمان أبي لهب بأنه مأمور به إجماعًا وليس بمراد الله تعالى؛ لأن قوله {لَا يُؤْمِنُونَ}[البقرة: ٦] يدل على علمه بأنه مستحيل فكيف يريده لأن الإرادة بما فسروه لا تنافي العلم، باللاوقوع والفرق بين الإدارة من العبد وبينها من غيره في التفسير أفسد لأنه مع عدم ثبوته لا يجدي، فإن تقيد الوقوع بالاختيار لا يجوز عدم وقوع المراد نعم، ينفي الجبر ونحوها التقدير والعلم متبوعًا أما تابعًا فأبعد.
الثاني: في أن مراده يختص بصيغة لازمة ولكل من الاختصاص واللزوم معنى لغوي هو اتخاذها خاصة، كما اختص به أبو حنيفة من المسائل، والتبعية أي أن لا يوجد إلا حيث يوجد الملزوم كلزوم أم المتصلة لهمزة الاستفهام.
ومعنى عرفي وهو صيرورته خاصة لها وعدم انفكاكها منه فإن اتفق مرادهما لغةً وعرفًا كان أحدهما مؤكدًا للآخر، وإلا فهم الاختصاص من الطرفين وحمل على كل منهما، والمقصود ها هنا أن الوجوب مثلا لا يستفاد من الفعل أي أن الفعل ليس أمرًا حقيقة ليفيده إذْ لا خلاف في أن كل أمر موجب ولا يخفي توقف هذه الكلية على القول بعموم المشترك، وقد ذهب إليه مالك في رواية والإصطخري وابن أبي هريرة وغيرهما من الشافعية، ولا ريب في أن أصله مجاز فالأمر في المأمور به وهو الفعل مصدرًا كان أو حاصلا به كالشأن في المشؤون من شأنت أي قصدت فالخلاف المذكور ها هنا في كونه أمرًا لا في إيجابه ابتداء وسنستوفيهما في السنة إن شاء الله تعالى.