للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالث: في موجب الأمر وهو مدلول مسماه والتعبير عنه بأن الأمر هل له صيغة تخصه لا يختص بالقول بالكلام النفسي وليس بخطأ، أما الأول فلأن المعنى مراد الأمر، وأما الثاني فلأن المعنى إنها خاصة به حقيقة فيه من حيث هي صيغة لا في غيره عن الندب كأبي هاشم (١) والإباحة (٢) كالبعض ولا مشتركة بين الأولين معنويا للطلب، أو لفظيا ولا بين الثلاثة معنويا للإذن، أو لفظيا ولا بينها وبين التهديد لفظيا، ولا للوقف كالاشعري والقاضي ابن سريج بالجيم، فهذه تسعة مذاهب لنا في الوجوب الكتاب والإجماع ودلالته والمعقول فالكتاب من وجوه:

١ - أن قوله تعالى {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [النحل: ٤٠]، أي إذا أردنا وجوده نقول أحدث فيحدث على كل من التوجيهات الثلاث المبنية على أن يكون الشيء بالإيجاد، أو بكلمة كن نفسيا في الأزل يفيد كون الوجود مع المنع عن النقيض مقصودا بأمر كن فكذا بجميع الأوامر لأنها كن كذا وهو الوجوب والفرق بالتامية والناقصية، غير موثر في حقيقة المقصود غير أن ترتب الوجود في أمر الله تعالى اعتبارا لجانب الأمر يقتضي الجبر ورفع التكليف وقد تفضل الله تعالى له بنوع اختيار وإن كان ضروريا أي تابعا لمشيئته، أو مخلوقا بلا شعوره كالعقل فالعمل يشبه جانب المأمور أيضًا أن بتأكد وجوه الطلب وهو الوجوب المفضى إلى الوجود للعقل والديانة ولا يحتاج هذا في الأوامر الجارية بين العباد لجواز التخلف في طلبهم عن أفراده وفي مرادهم ومطلوب الله مراد لولا نفى الجبر بنقل الإرادة من الوجود المطلق إلى الوجود بالاختيار ولا تخلف في مراده وبهذا يتضح أن أوامر الشرع حقائق والتأويل ليس في دلالة اللفظ بل في ثبوت مؤداه والعمل فيندفع الأوهام المضربة إما بيان الإفادة فلأن التكون إذاكان بالإيجاد وعليه أكثر المفسرين واختاره علم الهدي وأبو زيد كان مجازا عن سرعة الإيجاد وتمثيلا لغائب كمال قدرته يشاهد مفروض قدرته على الإيجاد بأوجز الكلمات بلا صنع آخر ولا يوجد جامع هذا التمثيل إذا لم يكن الوجود قطعًا مقصودًا بالأمر وإذا كان بهذه الكلمة إجراء لسنته على التكوين بها وإن لم يمتنع بدونها كمذهب الأشعري كان حقيقة، لكن المراد الأزلي القائم بذاته أعني بلا تعطل في الأزل لكن بحسب أوقاته المخصوصة ولذا ترتب في الآية على الإرادة فلا يلزم قدم الحادث كما ظن لا المركب من الحروف والأصوات أعنى وبلا تشييد لاستحالة والتسلسل لاحتياج حدوثه إلى أمر آخر وعندهم


(١) انظر المعتمد لأبي الحسين البصري (١/ ٥٠ - ٥١).
(٢) انظر المعتمد لأبي الحسين البصري (١/ ٥٠ - ٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>