استعمل الأمر للوجوب المفضي إليه لغة وشريعة فهو حقيقة فيه من الحيثتين وبذا صار المطاوع قسمين وهذا حل لما رمزه المشايخ وشدوه ولما يحم أحد حول فهمه ردوه {قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ}[آل عمران: ٧٣].
للمبيح أنها طريق أدنى وجود الفعل وللنادب أنه أدنى الفعل الراجح الذي يقتضيه الطلب وإن لا فارق اجماعًا بين الأمر والسؤال إلا الرتبة فيكون للندب مثله ويردهما أن الأصل فيما ثبت ان اللفظ وضع له وهو الطلب ها هنا الكمال لأن الناقص ثابت من وجه لا سيما إذا لم يمنع مانع كالقصور في الصيغة باقترانها بالصارف عن الإيجاب نحو {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ}[فصلت: ٤٠]، أو في ولاية المتكلم كما في الدعاء والالتماس فإنه معترض الطاعة وهما صرفهما قصور ولاية المتكلم عنه. قالوا: قال عليه السلام: "إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم"(١) رده إلى مشيئتنا قلنا بل إلى استطاعة وهو معنى الوجوب للقائلين لمطلق الطلب أن الثابت في مقتضاه رجحان الفعل فيكون للقدر المشترك دفعا للاشتراك والمجاز. قلنا: بل مع خصوصية الوجوب لأدلتنا وإما أنه إثبات اللغة بلوازم لماهيات فلا بل عدم القول بالخصوصية بلا دليلها وكذا القول لمطلق الإذن تقريرا وجوابا وللمشرك إطلاقه عليهما والأصل الحقيقة. قلنا: المجاز أولى من الإشتراك وللواقفية أولا لو تعين ما وضع له فبدليل.
وليس إذْ لا مدخل للعقل والنقل آحادًا لا يفيد العلم وتواترًا يوجب استواء طبقات الباحثين، والاختلاف ينافيه قلنا لأتم الحصر بل بالأدلة الاستقرائية المتقدمة ومرجعها تتبع مظان استعماله والأمارات الدالة على مقصوده عند الإطلاق وهنا فائدتان:
١ - أن الاستنباط من النقل قد لا يسمى نقلا وإن كان عائد إليه، كقولنا الجمع المحلي باللام عام إذ يدخله الاستثناء فيراد بالنقل ما مقدماته القريبة نقلية.
٢ - إن الظن كاف في مداولات الالفاظ.
وثانيا: أنه مستعمل في معان فلا يتعين شيء منها للإرادة إلا بدليل: