من حيث أريد به خلاف الظاهر في الجملة إذ المذبوحة هى المأمور بها بعينها من أول الأمر لرجوع الضمائر إليها وإلا كان الأمر ثانيا وثالثا جديدا وليس كذا إجماعا ولا دلالة على التعين والأمر ليس للفور ليكون تأخيرًا عن وقت الحاجة.
قلنا بل تقييد للمطلق وهو كإطلاق القيد نسخ أي لإطلاقه السابق فلا يرد أن قيود الجواب الأول لم تنسخ بالجواب الثاني إذ هى أيضًا مرادة فيجوز متراخيا إذ المراد بها أولا غير معينة بدليل قول ابن عباس رض الله عنهما لو ذبحوا أي بقرة لاجزأتهم لكنهم شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم والاستدلال به من حيث إنه تفسير سلطان المفسرين لا من حيث إنه خبر واحد ولئن سلم فليس معاضا لظاهر الكتاب لأن ظاهره الإطلاق ورجوع الضمائر إليها لا يقتضى اتحاد التكليف وإن قوله تعالى:{وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ}[البقرة: ٧١] دليل على قدرتهم وأن سؤالهم كان تعنتًا وفاء {فَذَبَحُوهَا}[البقرة: ٧١] يمنع كون الذم لتوانيهم في الذبح بعد البيان.
ورابعا: بيان قوله: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ}[الأنبياء: ٩٨] بعد سؤال ابن الزبعري أليس قد بعدت الملاَئكةَ والمسيح بقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ}[الأنبياء: ١٠١].
قلنا: لا يتناولهما لأن ما لما لا يعقل كما نقل عن الرسول قوله له: "ما أجهلك بلغة قومك" وذلك لأن تعذيب الشخص بعبادة الغير إياه معلوم الانتفاء عقلا وكذا عدم رضاء الملائكة والأنبياء بها وإذ لا دليل على رضاهم والأصل عدمه فالظاهر عدم إرادة التعميم لعدم الحاجة وأن الذين كالتقييد بقوله من دون الله لتوضيح خروجهم وبيان جهله ودفع وهو التجوز لمن أو للذي أو تجوز للتغليب لا للتخصيص من أنه خبر وذكر عدم جواز التأخير عن وقت الحاجة في محل النزاع دليل تخصيص الاختلاف بما فيه التكليف.
وخامسا: بيان وأهلك وهو عام يتناول بنيه بقوله في كنعان: {إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ}[هود: ٤٦]، قلنا متصل لدخوله في قوله:{إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ}[هود: ٤٠] أي وعد إهلاك الكفار فهو منهم ولئن سلم فبيان أن المراد أهل ديَانة لا أهل نسبة فإن أهل الرسل من اتبعهم وذلك بيان المجمل وقوله: {إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي} لحسن ظنه بإيمان ابنه حين شاهد الآية الكبرى.
ولما وضح له أمره أعرض عنه وذا في الأنبياء بناء على العلم البشري إلى أن ينزل الوحى غير عزيز كما قال الله تعالى:{وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ}[التوبة: ١١٤] فقد استغفر بناء على رجاء أن يؤمن وظن جوازه ما دام يرجى له الإيمان والعقل يجوزه إلى أن