يجىء الوحى فهو كقول نبينا عليه السلام لعمه "لأستغفرن لك ما لم أنه عنه".
وسادسا: بيان قوله تعالى: {إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ}[العنكبوت: ٣١] بقوله تعالى: {لَنُنَجِّيَنَّهُ}[العنكبوت: ٣٢] بعد قول إبراهيم "إن فيها لوطا"، قلنا بل متصل لأن قوله:{إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ}[العنكبوت: ٣١] استثناء معنى كقوله في آية أخري {إِلَّا آلَ لُوطٍ}[الحجر: ٥٩] وقول إبراهيم عليه السلام بعد علمه بخروجه بالاستثناء طلب لمزيد الإكرام له بتخصيصه بوعده النجاة فإن التخصيص بعد التعميم من موجبات التفخيم كما أن قول: {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى}[البقرة: ٢٦٠] بعد علمه طلب للطمانينة الحاصلة بالمعاَينة المنضمة إلى الاستدلال أو خوف من عموم العذاب بشؤم المعصية.
تنبيه: هذه الوجوه تصح تمسكًا للشافعى - رحمه الله - أيضًا في جواز تخصيص العموم لكن على الأول من وجهى مسئلة البقرة.
وسابعا: أن التأخير ليس ممتنعًا لا لذاته ولا لغيره وإلا لعرف بالضرورة أو النظر ولا ضرورة بالضرورة في محل النزاع ولا نظر إذ لو كان لكان الامتناع لجهل مراد المتكلم ولا يصلح مانعا كما في النسخ قلنا معارض إذ لا ضرورة في جوازه ولانظر إذ لو جاز لجاز لعدم المانع ولا جزم به غايته عدم الوجدان، وحله أن ليس كل واقع معلوما بأحد الطريقين ولئن سلم فعدم الدليل لا يقتض العلم بعدم المدلول بل عدم العلم به.
وثامنا: نحو قوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ}[البقرة: ٤٣] ثم بينه جبرائيل عليه السلام: {وَآتُوا الزَّكَاةَ}[البقرة: ٤٣] ثم بين تفاصيل الجنس والنصاب بتدريج وآية السرقة ثم بين اشتراط الحرز والنصاب وآية الزنا ثم بين أن المحصن يرجم ونهى عليه السلام عن بيع المزاينة وهو أن يبيع التمر على النخيل بمجذوذ مثله كيله حرصا وقيل على أنه إن زاد فله وأن نقص فعلى إنه مفض إلى المزاينة أي المدافعة بالنزاع ثم رخص في العرايا وهي هو ولكن فيما دون قدر الزكاة كخمسة أوسق.
قلنا: أما بيان للمجمل كالصلاة والزكاة والربا ولا نزاع لنا فيه أو توضيح لتحقق الماهية فإن الخفية من مفهوم السرقة ولا يتحقق في التافه المبتذل كالقليل وفي غير المحرز عادة أو لعدم العذر الواجب بدلالة أنها خيانة أو نسخ بما يصلح ناسخًا كحديث الرجم إن علم تراخيه وإلا فتخصيص العام بمثله قوة كتخصيص عمومات الحدود المخرج عنها مواضع الشبهات والعرايا عندنا بيع مجازا بل بر مبتدا لأنه أن يبيع المعرى له ما على النخيل للمعرى بتمر مجذوذ لعذر طرأ بعد هبته كذا فسروه ولأن العرية العطية ولاتفاقه