وتاسعا: أن جبرائيل عليه السلام قال له عليه السلام: {اقْرَأْ} فقال ما أقرأ كرره ثلاث مرات فقال: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ}[العلق: ١] فتبين المراد.
لا يقال: إنما يصح الاستدلال بالظاهر فيما ليس كهذا متروك الظاهر فإن الأمر فيه إما للفور ففيه تأخير عن وقت الحاجة فيمتنع وإما للتراخي وهو للوجوب لا الجواز إذ لا قائل بوجوب التأخير والجواز حكم يمتنع تأخيره أيضًا لأنه عن وقت الحاجة لأنا لا نعلم أن الأمر قبل البيان للفور أو للتراخي إنما صحة ذلك الترديد بعد الفهم.
قلنا كان المراد الأمر بقراءة معين لم يكن معهودا وإلا لم يسأل ما اقرأ والنسبة إلى المعينات سواسية فيكون مجملا وتأخير بيانه نجوزه للجبائي ومتابعيه في امتناع تأخيره أما في المجمل:
فالأول: لأن الجهل بصفة الشيء يخل بفعله في وقتها ولا جهل بالصفة في النسخ قلنا لا يخل ولا يضر قبل وقت الفعل وهو وقت الحاجة.
وثانيا: أن الخطاب به قبل البيان كالخطاب بالمهمل في عدم الإفهام فلو جاز ذاك لجاز هذا قيل له معنى مرجو بيانه بالآخرة بخلافه فأجيب بان المراد مهمل وضعه من لم يصطلح مع غيره لمعنى فخاطبه مريدًا إياه.
قلنا فذاك ليس لمهمل بل مجمل بالغرابة وهو أحد أقسامه فلا نعلم امتناع الخطاب به إذ هو من محل النزاع فعينه مصادرة والجواب بان في المجمل طاعة ومعصية بالعزم على فعل أحد مدلولاته وتركه إذا بين بخلاف المهمل عائدٌ إلى ذلك مع أنه تخصيص ببعض أقسام المجمل كالمشترك لا كالهلوع والأسماء الشرعية وأما في الظاهر المراد خلافه كتخصيص العام مثلا أنه يوجب الشك في كل واحدة من متناولاته هل هو مراد أم لا فلا يعلم تكليف فينتفي غرض الخطاب والكل في النسخ داخلون إلى أوانه.
قلنا المنتفي غرضه التفصيلي لا الإجمالي وهو الابتلاء بالعزم وتركه إذا فهم والجواب بأن الشك في متناولاته على البدل وفي النسخ على الاجتماع لأنه محتمل في كل زمان فكان أجدر بالامتناع فيه ما فيه للبون البين بين الشك في أصل الثبوت وبينه في الرفع بعد الثبوت مدة في حصول غرض الخطاب.
ولأبى الحسين أن تأخير مطلق البيان يوهم وجوب الاستعمال في الجميع وأنه تجهيل وإغواء فيمتنع من الشارع بخلاف تأخير التفصيلى بعد الإجمالى قلنا لا يضر إذا بين قبل وقت الحاجة ولعل الغرض هو الفعل وقت الحاجة والعلم قبله مع الداعي إلى تقديم