التكليف والصارف عن تقديم التبين كالابتلاء بالعزم وإمعان النظر وقد وقع مثله فيما يوجب الظنون الكاذبة نحو يد الله فوق أيديهم ونحوه تذنيبات.
١ - إذا جوز تأخير البيان إلى وقت الحاجة فتأخر تبليغ الرسول إليه أجوز لخلوه من كثير من مفاسده كعدم الإفهام والإفادة أما إذا منع فاختير جوازه إذ لا استحالة بالذات ولعل لتاخيره مصلحة.
وقيل بامتناعه لأن {بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ}[المائدة: ٦٧] للفور والألم يفد فائدة جديدة
لأن وجوب التبليغ يقضي به العقل ورد الثالى بأنه مع إمكان أن الأمر لا للوجوب تجوزا
ولا للفور وفائدته تقوية ما يقتضيه العقل ظاهر في تبليغ لفظ القرآن لا في كل الأحكام.
٢ - إذا جوز تأخير وجوده فتأخير إسماع المخصص السمعي للداخل تحت العام بعد إسماع العام أجوز وإذا منع فالمختار جوازه وهو مذهب النظام وأبى هاشم خلافا لأبي الهذيل والجبائي.
لنا قياس الطرد أعني الدلالة الزاما على المانع فإنه إذا ثبت جواز التأخير في وجوده ثبت في إسماعه بالأولى وقياس العكس من المانع لأنه إنما منع في وجوده لبعد الاطلاع مع عدمه فيجوز في إسماعه لقربه مع وجوده ووقوعه فلأن فاطمة رضي الله عنها سمعت:
{يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ}[النساء: ١١] ولم تسمع مخصصه "نحن معاشر الأنبياء لا نورث"(١) والصحابة سمعوا "اقتلوا المشركين كافة" مخصصه في المجوس عند من يقول به "سنوا به سنة أهل الكتاب" إلى زمان خلافة عمر رضي الله عنه.
٣ - إذا منع تأخير المخصص مع ذكر بعض المخصصات دون بعض وإذا جوز فالمختار جوازه وقيل يجب ذكر الجميع لنا مع عدم الامتناع الذاتي ووقوعه كما أخرج عن "اقتلوا المشركين" أهل الذمة ثم العبد ثم المرأة على التدريج وكذا غيرها قالوا تخصيص البعض فقط يوهم وجوب الاستعمال في الباقي وأنه تجهيل، قلنا لا نعلم امتناعه كما مر في الكل.
الخامس: أن الهجوم على الحكم بالعموم قبل التأمل فيما يعارضه من الخصوص إلى أن يجىء وقت العمل لا يجوز إجماعا كما في كل دليل مع معارضه أما العمل به قبل البحث في أن له مخصصا فممتنع خلافا للصيرفي كذا في المحصول ومختصر به ولا إجماع فيه إذ إما في عصره فلا ينعقد مع مخالفته أو قبله فهو انعقد بمعرفته أو بعده فلم يخالف فيه من بعده