نعم لو بنى على القول بمفهوم الصفة للمستثنى فإن الاستثناء في محل الصفة للمستثنى منه اعتبر قرينة أو جزءً أو قيدًا لكان شيئًا.
٢ - أن الاستثناء كان من النفي أو الإثبات لا يدل على المخالفة في النسبة الخارجية بل النفسية فإن كان مدلول الجملة هي النفسية فالمخالفة في المستثنى عدم الحكم النفسي فيه لا الحكم بخلافه وإن كان مدلولها الخارجية فالاستثناء إعلام بعدم التعرض لها والسكوت لا بالتعرض لعدمها.
أقول: وكل من الأوليين أعم فلا يلزمه الأخص إلا بحسب خصوصية المقام كما أن السكوت عن الإثبات يسئلزم نفي الحكم بالبراعة الأصلية وعن المسلب قد يستلزم إثباته كما إذا علم ثبوت حكم لعدة قلب عن غير المستثنى علم ثبوته في المستثنى بالاستصحاب نحو ما قام القاعدون لمقدم عمرو إلا زيد وعليه وضع الاستثناء المفرغ ومنه كلمة التوحيد أو يقال أفادتها الإثبات بالعرف الشرعي لا اللغوي.
ولذا يندفع تشكيك الإمام الرازي رحمه الله أن المقدر فيها إن كان الموجود لم يلزم عدم إمكان إله غيره وإن كان الممكن لم يلزم منه وجود ذات الله تعالى بل إمكانه إذ يلزم عرفًا وإن لم يلزم لغة وهذه الوجوه هي مجمل الإشارة المقولة فيه وفي الغاية التي بها التوفيق بين الإجماعات الأربعة:
١ - إفادة القصر بما وإلا.
٢ - أنه إخراج.
٣ - أنه تكلم بالباقي بعد الثنيا.
٤ - أنه من النفي إثبات وبالعكس.
٥ - أن هذا في الخبر أما فيما هو عدة الأحكام وهو الطلب فلأنه يدل إما على طلب تحصيل النسبة النفسية كإكرام الناس في أكرمهم أو لا تكرمهم إلا زيدًا في الخارج كالأمر والنهي وبالعكس كالاستفهام فالاستثناء بعده دل على انتفاء النسبة النفسية التي بين المستثنى منه وما نسب إليه في المستثنى لا على طلب دخصيل خلافها خارجًا فلا دلالة على المخالفة في الخارجية أصلا لكن في النفسية فبعد الثبوت يفيد عدم الحكم النفسي فيه وبعد النفي ثبوته لكن عقلا لأن النفي العام إنما هو بعد تعقل الثبوت العام وحين نفي عقلا عن غير المستثنى بقى الثبوت له فيه.
تنبيه: كفى كرامةً للحنفية اعتراف أفضل متأخريها بأن لا تعرض في الاستثناء للحكم بالنقيض ومنه يلزم عدم التعرض في الوصف أيضًا لأنه في معناه، ثالثها في أدلة المذهبين.