لنا: في أنه تكلم بالباقي بعد الثنيا أي استخراج صوري وبيان معنوي أن المستثنى لم يرد لا نحو قوله تعالى: {فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا}[العنكبوت: ١٤] لأن سقوط الحكم بالمعارضة حالي انشائي فلا يتصور في الإخبار عن الخارج لا سيما عن الماضي وفي العدد بخلاف الإنشاء والأصل خلاف التجوز.
وثانيا: اجماع أهل اللغة أنه استخراج أي صورة وتكلم بالباقى الثنيا أي معنى كما مر.
وثالثا: أنه بخلاف النسخ لا يستغرق أي لا يجوز استثناء الكل عن الكل ولو فيما يصح الرجوع عنه كأوصيت بثلث مالي إلا ثلث مالي يثبت الوصية وطريق المعارضة يقتضي استواء البعض والكل كالنسخ ولا وجه للفرق بآدائه في الاستثناء إلى الناقض لا في النسخ وإلا لأدى إلى استثناء البعض أيضًا لأن اختلاف الزمان مشترك إذ تخلل العمل ليس بلازم للاختلاف.
ورابعا: أنه بخلافه لا يستقل كصدره وشرط المعارضة التساوى في القوة كالنسخ أو فهو تبع له والتبع لا يعارض أصله إجماعا.
وخامسا: أنه لوكان معارضًا كان التكلم بالصدر باقيا حكما بصيغته بقاء المشركين بعد تخصيص أهل الذمة ولذا كان منتهى تخصيص الجمع ثلاثة والمفرد واحدا والعشرة في السبعة غير باقية بحقيقتها.
قيل: وليصر مجازا قلنا خلاف الأصل فلا يعدل إليه إلا لضرورة انتفت بجعله تكلما بالباقي، قيل عدم بقاء حكم الصيغة مشترك مع ذلك.
قلنا: إنما يطلب بقاؤه لتقابله المعارض أما بالشيء بلا حكم ولا انعقاد له فسايغ شايع كطلاق الصبي وكل ممتنع بعد لمانع، قيل فليكن بعد المعارضة كذلك قلنا ما قلناه مرجح بأنه حقيقة بلا ضرورة صارفة.
وسادسا: قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً}[النساء: ٩٢] فمعناه ليس له ذلك عمدا لا أن له ذلك خطأ لحرمته بناء على ترك التروي ولذا وجبت الكفارة والخصم يحمله على المنقطع فرارًا عنه ولو صح في المفرغ فالأصل لمتصل.
فرع: بعت هذا العبد بألف إلا نصفه بيع النصف بألف لدخوله في المبيع لا الثمن وعلى أن في نصفه بيع النصف بخمسمائة لأن على شرط معارض لاستقلاله ولأنه في المعنى ليس شرطا بل بيع شيء من شيئين فيعتبر الإيجاب السابق إلى أن يقع البيع من المشتري ومنه والبيع من النفس صحيح إذا أفاده فالتقسيم هنا فيدخل ليخرج بقسطه من الثمن كمن اشترى عبدين بألف أحدهما ملكه وكشرى رب المال مال المضاربة ليفيد