للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - أن النفي شامل لكل فرد فكذا إيجابه إلا فالبعض لا يكون مقترنة بطهور فالمعنى إلا كل صلاة مقترنة بطهور وقد حكم عليها بالثبوت وأما صلاة فاقد الطهورين فليست صلاة بل تشبها بها إذ الكلام فيما هو شرط ولو كان معناه لا صلاة بغير طهور لم يلزم شيء فلما ثبت العموم فلوجهين لم يرد أن رفع السلب الكلي إيجاب جزئي فلا يلزم إلا جواز شيء منها حال الاقتران بالطهور لأنه المراد به أما بعض المقترنة بالطهور فلا نعلم كفايتها في اللزوم أو بعض مطلق الصلاة فلا ينافي العموم الذي ادعيناه ولا أن اللازم أن كل صلاة بطهور صلاة لأن المسلوب في صدر الكلام الثبوت والجواز فكذا المثبت في عجزه وبأن المنفي الجواز علم إن انتفى على حقيقته فلا يحتاج إلى التأويل بالمبالغة أو بأن سائر صفاتها لم يعتبر بالنسبة إليه أو بأن المنفي ما زعم المخاطب ثبوته كصحة الصلاة بغير طهور وقولنا في لا أجالس إلا رجلا عالما له أن يجالس كل عالم ليس إثباتًا بعد النفى بل ذلك بالإباحة الأصلية وبإفادة المقام إياها.

فروعه: جعل الشافعي معنى قوله: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} [البقرة: ١٦٠] فلا تجلدوهم واقبلوا شهادتهم وأولئك هم الصالحون فقبل شهادته لأن ردها من حقوق الله تعالى فيكفي في سقوطه التربة كشرب الخمر بخلاف جلد القذف فإنه حق العبد خالصا عندنا وغالبا عنده.

ولذا يجري فيه التوارث ولا عفو عنده فلا يسقط بمجرد التوبة إلى الله كالمظالم بل وإلى العبد بان يعتذر حتى يعفو فيسقط كالقصاص، وقوله عليه السلام: "لا تبيعوا الطعام بالطعام إلا سواء بسواء متساويين" (١).

فعمم صدر الكلام في القليل والكثير؛ لأن المعارضة في المكيل خاصة كـ {إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ} [البقرة: ٢٣٧] فإن عفو المطلقة قبل المس وقد فرض لها تختص بالعاقلة الكبيرة فالمجنونة والصغيرة تحت حكم الصدر وأسقط في على ألف درهم إلا ثوبا قدر قيمته كما مر؛ لأن دليل المعارضة يجب العمل به في المذكور ما أمكن لكونه كلاما برأسه لا كما لو كان قيدًا مستخرجا.

ولذا قال النسفي -رحمه الله- هذا من ثمرة ذلك الاختلاف يعني لاقتضائه الجنسية


(١) أخرجه مسلم (٣/ ١٢١٤) ح (١٥٩٢)، وابن حبان في صحيحه (١١/ ٣٨٥) ح (٥٠١١)، وأبو
عوانة في مسنده (٣/ ٣٩٦) ح (٥٤٥٨)، والبيهقي في الكبرى (٥/ ٢٨٣) ح (١٠٢٨٧)، والدارقطني في سننه (٣/ ٢٤) ح (٨٣)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (٤/ ٣)، والطبراني في الأوسط (١/ ١٠٥) ح (٣٢٥)، والإمام أحمد في مسنده (٦/ ٤٠٠) ح (٢٧٢٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>