المصححة للحمل على الاتصال هذا ويمكن تخريجها عنده على أصول أخر، ومن الجائز توارد التخريجات على مسألة فلا بحث فيه.
فالأولى على أن الاستثناء بعد الجمل المتعاطفة يرجع إلى الجميع أو على أن أولئك الفاسقون في معنى التعليل لعدم القبول وسنبطلهما بأن الرد ثابت بضرورة عدم استقلاله وقد اندفعت بالأخيرة وأن الواو يمنع التعليل والثانية على أن القليل باق عن المستثنى فلئن جعل تكلمًا بالباقي اندرج تحت النهي أيضًا. قلنا: إلاسواء كـ ألا يعفون استثناء حال مفرغ من العام المقدر مجانسًا لعدم المجانسة ظاهرًا والأحوال المقدرة من المجازفة والمفاضلة والمساواة مختصة بالكثير الداخل تحت القدر ولا يقدر بحيث يندرج القلة والكثرة تحتها لأن ذا تعميم فوق الضرورة الداعية إلى التقدير فلا يجوز لما عرف في الجامع وكذا {إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ}[البقرة: ٢٣٧] تكلم بالباقي مثله غير أن حالة العفو تستدعي أهلية العافية له وقال أبو زيد منقطع لأن الوجوب الثابت بالصدر لا ينتفي بالعفو بل العفو بعده وعن هذا كما قال بعض مشايخنا بأن الاستثناء في {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا}[البقرة: ١٦٠] متصلٌ لكنه يرجع إلى الأخيرة كما مر أو مفرغ والتقدير إلا حال توبة الذين تابوا وفيه تكلف.
قال بعضهم: منقطعٌ قال أبو زيد: لأنه لا إخراج عن الحكم المذكور وهو أن من قذف صار فاسقا إذْ معناه أن من تاب لا يبقى فاسقا وفخر الإِسلام -رحمه الله- لأن التائب ليس بفاسق؛ فلا تناول وهذا بناء على أن الصفة مجاز في الماضي فيصح نفيه.
وقيل: لأن الفسق لازم القذف والتائب قاذف فيكون فاسقًا في الجملة وإن لم يمكنه في الحال فلا إخراج وهذا بناء على كونها حقيقة في الماضي وهو المذكور في العفو والفرق بين الأول والأخيرين أن المستثنى منه فيه هو أولئك وفيهما الفاسقون فاعترض عليه بأن الإخراج يتحقق لو أريد الفاسقون دائمًا وليس بشيء لأنه خلاف الظاهر بل بعيد لأن الشرط لا يستدعيه وعليهما بأن الاستثناء عن المحكوم عليهم وهم الرماة لا الحكم بالفسق والتائبون بعضهم نحو القوم منطلقون إلا زيدا.
ورد بأن شرط المتصل تناول الحكم للمستثنى على تقدير السكوت عنه ولا يتناول التائب الفاسق أصلا إن أريد الفاسق دائما ويتناوله إن أريد الفاسق في الماضي أو في الجملة ولا يصح إخراجه.
لا يقال المراد الفاسق حقيقة وهو الفاسق في الحال لأنه لا يتناول التائب كالفاسق دائما وهذا هو مراد فخر الإِسلام - رحمه الله - في الحقيقة لا كونه مستثنى من الفاسقين