وجوب المؤبد لم يبق جوازه فارتفع تأييده أيضًا.
وثانيا: وفيه سر واضح حجابه.
وثالثا: يكشفه لوقته كتابه.
رابعا: لأن ترديدهم إما مغيا أو مؤبد إنما هو في محل النسخ وإذا كان محله الوجوب كان الترديد فيه فلا يتم ذلك مخلصا والتعويل على ما سلكه أصحابنا.
وخامسا: أنه لو جاز فرفع الحكم إما قبل وجوده والشيء قبل وجوده لا يرتفع وإما بعده أي بعد ابتداء وجوده حالة بقائه لا حالة عدمه بعد الوجود لأن انعدام المعدوم ممتنع لكن الموجود لا ينعدم بعينه أي لا يكون المقصود بالنسخ ارتفاع عينه بل أن لا يوجد مثله ثانيا فيعود إلى الارتفاع قبل الوجود وأما معه فلمثله النسخ وإما في الحكم التكليفي فذلك يجوز ارتفاع تعلقه قبل وجود الفعل كما بالموت كذا قيل.
وفيه بحث: لأن التردد إذا كان في الحكم كان معنى هذا القسم ارتفاع الحكم قبل وجود نفسه ولا شك في امتناعه.
لا يقال فالأولى اختيار أنه بعد الحكم حالة بقائه قوله الموجود لا ينعدم بعينه قلنا فلا انعدام لأن جميع الموجودات المنعدمة كذلك بل ينعدم بارتفاع بقائه.
لأنا نقول المرتفع وجودًا كان أو بقاء لا ينعدم حالة وجوده ولا بعده بعينه وإلا لكان موجودًا معدومًا معا فالحق شيدنا أركانه أن المرتفع لبقاء المطون الاستصحابي لا المتحقق قطعا وذلك كاف لإطلاق الارتفاع فلله در من أختار بيانه.
سادسا: أن الحكم في علم الله إما مؤبد فليزم من النسخ جهله وإما موقت بلا ثبوت له بعد الوقت فلا رفع قلنا موقت بوقت معين عنده لعلمه بالارتفاع بالنسخ لكن ذلك التوقيت مما يقرر النسخ لا ينافيه ولا يخلو عن البحث انه لما لم يثبت وقت النسخ كيف ينسخ والأولى أن المرتفع بقاؤه المطون في نظرنا كما مر.
ولنا على الأصفهاني أولا إجماع الأمة قبل ظهوره وان شريعتنا بخلاف كل الشرائع أي تنسخ أحكامها المخالفة.
وثانيا: أن شريعتنا إن توقفت على النسخ وهي ثابتة ثبت والأحاد إثباته بالأدلة الشرعية بلا دور فهنا الإجماع قبل ظهور ومنها نحو قوله تعالى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا} [البقرة: ١٠٦] الآية.
وثالث: أن التوجه إلى بيت المقدس نسخ بعد وجوبه إجماعا بالتوجه إلى القبلة وكذا الوصية للوالدين بآيات لمواريث وكذا ثبات الواحد للعشرة بثبات الواحد للاثنين وغيرها،