وأقول فيه بحث لأن هذا الجواب محقق لاجتماع المأمورية والحرمة بعد الفداء لدافع والصحيح أن ذبح الولد مقيدا بالإتيان ببدله على الكيفية الواقعة من الترويع وغيره هو المأمور به من أول الأمر فلم يكن ذبح الولد مطلقا حسنًا أصلا.
فها هنا مسألتان الأولى لا يجوز نسخ الخبر عند الجمهور ماضيا ومستقبلا خلافا لبعض المعتزلة والأشعرية فإن أريد تكليف الشارع بالإخبار بشىء شرعي أو عقلي أو عادي فلا نزاع في جوازه لأنه للحكم في الحقيقة وكذا نسخ تلاوة الخبر لأنه لجوازها في الصلاة أو حرمتها لعلة الجنب أو نحوها وهل يجوز أن يكلفه الأخبار بنقيضه فعلى الرسول لا لأنه يرفع الثقة وعلى غيره نعم لجواز تكليفهم بالكتاب كما في المواضع الثلاثة خلافا للمعتزلة فهان أحدهما كذب والتكليف به قبيح فمبناه التقبيح العقلي وإن أيد نسخ الخارجي الذي يطابقه مفهوم الخبر فإن كان مما لا يتغير كوجود الصانع وحدوث العالم فلا اتفاقا للزوم الجهل والكذب كما في نسخ مدلوله النفسي وهو الجزم بالنسبة أو مما يتغير كإيمان زيد وكفره فالمختار لا لما مر خلافًا لهم ومنهم من أجازه في المستقبل فقط لأن الماضي قد تحقق قالوا إذا قال أنتم مأمورن بصوم رمضان ثم قال لا تصوموا رمضان جاز اتفاقا قلنا المنسوخ وجوب الصوم لا مدلول الخبر وهو وقوع الأمر.
تنبيهات
١ - قوله أنا افعل كذا ألف سنة أو أبدا ثم قال أردت عشرين سنة جائز اتفاقا لكنه تخصيص إن وصل وإلا فغير مسموع لأنه بيان تغيير لا نسخ.
٢ - {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ}[الرعد: ٣٩] قيل أي ينسخ ما يستصوب نسخه ويثبت بدله أو يتركه غير منسوخ وقيل يمحو من ديوان الحفظة ما ليس بحسنة ولا سيئة فلا دلالة فيه على نسخ الخبر.
٣ - قلة من الآخرين ليس ناسخا لقوله تعالى:{وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ}[الواقعة: ١٤] لأنه إن صحت الحكاية فزيادة ألحقت بتضرعهم أو بدعاء الرسول عليه السلام وإلا وهو الأولى سياقا فالأولى في السابقين والثانية في أصحاب اليمين.
٤ - {إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى}[طه: ١١٨] لم ينسخ بقوله فبدت لهما سوآتهما ولا آيات الوعيد بالخَلود في النار بقوله تعالى: {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}[النساء: ٤٨] بل هي من باب تقييد المطلق بالقرائن لأن مجهول التاريخ مقارن.
٥ - النزاع في خبر في غير الأحكام الشرعية أما فيها فكالآلام والنهي، الثانية في المقيد بالتأييد والتوقيت إن كانا قيدي الفعل نحو صوموا إلا الموالي كذا لأن الفعل يعمل بمادته