نص علم تأخره كما يخالفه وحجية شرائع من قبلنا معتبرة بما قص فيه ولم يقص في الكتاب وما نسخ تلاوته لا يسمى قرآنا بل سنة لأنه وحي غير متلو ولذا لا يجوز به الصلاة ومنه مصالحة الرسول عليه السلام أهل مكة من الحديبية على رد نسائهم ثم نسخ بقوله تعالى:{فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ}[الممتحنة: ١٠] الآية وربما يتمسك بنسخ الشرائع السالفة بشريعتنا فيحتمل حجة له لأنها ما ثبتت إلا بتبليغه عليه السلام فلها حكم السنة ولعكسه لأنها ثابتة بالوحي المتلو وقد نسخ كلها أو بعضها في حقنا بقول أو فعل منه عليه السلام.
له أولا: لتبين للناس فلا يكون ما جاء به رافعا قلنا المعنى من البيان التبليغ ولو سلم فالنسخ بيان أمد الحكم ولو سلم فيدل على مبنيته في الجملة ولا ينافي كونه ناسخا لما ارتفع منها.
وثانيا: أنه مطعنة للناس توجب نفرتهم قلنا إذا علم أنه مبلغ لا غير لم يوجبها كما في الأقسام الأُخر.
ولنا في عكسه بعد ما تقدم من إمكانه ووقوعه ومنه ما سيجىء من أن أهل قباء استداروا في خلال الصلاة بقول ابن عمر رضي الله عنه إن القبلة قد حولت إلى الكعبة ولم ينكره الرسول عليه السلام أن المنسوخ بها حكم الكتاب لا نظمه وهي في حقه وحي مطلق مثله ولا لضحك بنسخ التوجه إلى الكعبة في الابتداء بالسنة الموجبة للتوجه إلى بيت المقدس لاحتمال كونهما بالسنة وهو الظاهر ولا بنسخ الوصية للوالدين والأقربين بقوله عليه السلام:"لا وصية لوارث"(١) لأنه لا يصلح ناسخا وليس متواتر الفرع حتى يجعل مشهورا وإن تلقته الأمة كيف ولم يذكره في الخلف البخاري ومسلم والنسائي وفي السلف مالك ولأن النسخ بآية المواريث لا لكونها مترتبة على وصية منكرة نسخت بإطلاقها المعهودة السابقة وإلا لوجب ذكرها أيضًا وإطلاق المقيد نسخ كتقييد المطلق وليست عينها لإعادتها نكرة ولر سلم لم يدل الآية على تقدم وصية إلا جانب ولم يستند الإجماع إلا إليها وذلك لجواز كونها شاملة لها وإن لم يكن عينها ولو سلم مباينتها لا ينفيها إلا بمفهوم اللقب لأن في قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ}[النساء: ١١] إشارة إلى أنه تولى بنفسه بيان حق كل من الأقارب بعد ما فوضه إلينا لعجزنا عن معرفة مقاديره كما قال تعالى: {لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ}[النساء: ١١] وقد أوضحها قوله عليه السلام: "إن