شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ} [الممتحنة: ١١] الآية بالسنة إذ منسوخ ولأبتلى ناسخة لا يقال ولم يظهَر في السنة أيضًا لأن القرآن محصور دونها ولا نسخ للمتلو بأحدهما وذلك لأدْ في كونه منسوخا اضطرابا فقيل وردت في أن يعطي لمن ارتدت امرأته ولحقت من غرم الصداق على سبيل الندب.
وقيل: على سبيل الوجوب لكن من مال الغنيمة لا من كل مال فعنى عاقبتم غنمتم أو غلبتم ثم لم ينسخ وقيل نسخ بآية القتال وقيل بقوله تعالى: {لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ}[النساء: ٢٩] ومع هذه الاحتمالات لا تمسك ولا بتقرير النبي عليه السلام قول أبي رضي الله عنه حين نسي آية فقال لأبي هلا ذكرتنيها فقال ظننت أنها نسخت فقال عليه السلام: "لو نسخت لأخبرتكم ولم يكن له ناسخ في الكتاب لجواز أن يعتقد نسخها بآية لم تبلغه لضيق الوقت أو لعله ظن النسخ بالإنشاء كيف وقد مر أن السنة لا تصح ناسخة لنظم الكتاب لتقوم مقامه في الإعجاز وصحة الصلاة وغيرهما.
له أولا قوله تعالى:{مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ}[البقرة: ١٠٦] الآية إما لأن السنة ليست خبرا ولا مثلا أو لأن ضمير نأت الله تعالى قلنا المراد خيرية الحكم أو مثليته في حق المكلف حكمة أو ثوابا كسورة الإخلاص تعدل ثلث القرآن إذ لا تفاضل في القرآن من حيث اللفظ وبلاغته لكون جميع مقتضيات الأحوال مرعيا في كل منه ولذا لم يتفاوت في صحة الصلاة به وكره فعل يوهم اعتقاده على أن حكم القرى كما مر مثل السنة، والسنة أيضًا من عنده لقوله تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (٤)} [النجم: الآيات ٣، ٤] وبه يعلم الجواب عن تمسكه.
ثانيا: بقوله تعالى: {قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي}[يونس: ١٥] حيث يكون تبديله من الله تعالى كان بالسنة أو بالاجتهاد الذي يفعله بإذن الله لا من تلقاء نفسه أو المراد لا أضع لفظا لم ينزل مكان ما أنزل.
وثالثا: قوله عليه السلام: "إذا روى لكم عني حديث فأعرضوه" (١) الحديث فقد دل على رده عند المخالفة قلنا خبر العرض إن سلم ثبوته ففيما أشكل تأريخه ليحمل على المقارنة فيرد لعدم قوته على المعارضة أو أشكل صحته فلم يصلح لنسخ الكتاب به.
الرابع: لا ينسخ المتواتر كتابا كان أو سنة بآحاد لا يفيد القطع بالقرآن إلحاقه وينسخ بالمشهور وأما الأول فلأن المظنون لا يقابل القاطع قالوا التوجه إلى بيت المقدس كان
(١) لم يثبت فيه شيء، وانظر كشف الخفاء للعجلوني (٢/ ٥٦٩).