للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حقيقة فيه لقوله تعالى: {لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا} [النحل: ١٤] ولذا لا يصح نفيه منه قلنا لما عنا الشدة بدلالَة التحامَ الحرب والجرح والملحمة وهي بالدم ولا دم فيه ولذا يعيش في الماء ويحل بلا زكاة لم يتناوله مطلقه ولذا لا يطلق على لحم السمك إلا مفيدا ومنه الآية فإنها دليل أنه فرد منه في الجملة لا إرادته من مطلقه وكذا على الجراد إذ لا دم له ولذا لا يذبح ولا يرد لحم الخنزير والأدمى على ما في المبسوط أنه يحنث بهما لأن الإضافة فيهما للتعرف كلحم الطير لا للتقييد ومدار الفرق وجود الشدة الدموية وعدمها.

وما بدلالة إطلاقه فإن شأن المطلق أن ينصرف إلى الكامل في الحقيقة ككل مملوك لا يتناول المكاتب بنت مولاه بموت المولى أما الرقبة في قوله تعالى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [النساء: ٩٢] فيتناوله لكمال رقه وأنه عبد ما بقى عليه درهم ولذا يقبل الفسخ لا يتناول لا الشلاء والعمياء لهلاكهما من جهة فوت المنفعة والمدبر وأم الولد عكسه في هذه الأحكام فيتناولهما المملوك لا الرقبة لأن في التحرير إزالة الرق عنده ونفسها عندهما فيستدعى كماله وكذا كل امرأة لا يتناول المبتوتة ولو في العدة إلا بالنية ومطلق الصلاة صلاة الجنازة وإدراجها في: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ} [المائدة: ٦] بالإلحاق الإجماعي.

ثم هذا يقتضى كمال حقيقته القوية في القوة ومنه ما يقتضي كمال حقيقته الضعيفة في الضعف نحو لا يأكل فاكهة لم يحنث عند الإِمام بأكل الرمان والعنب والرطب إلا إذا نوى وقالا وهو قول الشافعي - رحمه الله - يحنث كالتين لتناوله بل الكامل أولى كالطرار قلنا لما أنبأ عن التنعيم الزائد على التغذى وهو بالتبعية لا الغذائية والدوائية انصرف إلى الكامل فيها وهو القاصر فيها فإنهما تغيران التفكه والطر يقرر أمر السرقة والحق تخريجه من كماله لا من نقصانه كما زعم وإلا يلزم أن ينصرف بعض المطلق إلى الناقص.

قال المتأخرون ينبغى أن يحنث في عرفنا اتفاقا ومثله لا يأكل إذا ما يقع على ما يصطبغ الخبز به كالملح والخل لا على اللحم والبيض والجبن خلافا لهما لأن الموآدمة الموافقة والتبعية وللحديث في الثمرة وخصص ما يؤكل وحده لا تابعا غالبا كالبطيخ والتمر والعنب بخلاف تلك.

قلنا كمال الموافقة والتبعية فيما يختلط به ولا يحتاج إلى تجديد الحمل والمضغ والابتلاع فلا يتناول مطلقه القاصر فيها فإن كان كاملا من جهة أخرى والحديث مع أنه مقيد في دليل فرديته فقط وعن أبي يوسف روايتان والفرق على إحديهما شيوع إطلاق الفاكهة على تلك لا الإدام على هذه وقوله أشتري جارية لخدمني فاشترى الشلاء أو العمياء أو جارية أطأها فأشترى أخته من الرضاع لا يجوز.

<<  <  ج: ص:  >  >>