للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثالث: أيضًا قسمان ما بسياقه المتقدم وسياقه المتأخر وقد يطلق السياق عليهما نحو: [فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ] [الكهف: ٢٩] ترك حقيقة الأمر بتعليقه بالشية وكذا من شاء فليكفر بذلك وهذا سياق وبقوله {إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا} [الكهف: ٢٩] وهذا سياق وحمل الثاني على الإنكار والتوبيخ على فعله والأَولَ عَلى تركه.

ومنه جمعهما في {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [فصلت: ٤٠] للسياق.

ومن المسائل قوله للمستأمن أنزل فأَنت آمن أمان وإن قارنه ستعلم ما تلقى أو إن كنت رجلًا ليس به فلو نزل صار فيئًا وكذا طلق امرأتى أو افعل كذا إن كنت رجلًا أو إن قدرت ليس توكيلا ونعم لك على ألف درهم ما بعدك ليس إقرارا والكل توبيخ بالسياق عرفا.

والرابع: أيضًا قسمان ما بدلالة حال المتكلم الثابتة قبل الكلام عقلا نحو: {وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ} [الإسراء: ٦٤] أي حرك بوسوستك لما استحال صدور الأمر بالمعصية منه لكوَنه حَكيما لا يأمر بالفحشاء لا لكونها غير أصلح حمل على الأقدار الظاهري الذي هو منح الأسباب والألات السليمة فإنه لازم الإيجاب لا مسببه كما ظن أو عادة نحو انبت الربيع وشفى الطيب وسرتني رؤيتك من الموحد.

وما بدلالة حاله الثابتة عند الكلام عادة ككونه مجيبا فيمن دعا إلى غذاء فحلف لا يتغذى وامرأة قامت للخروج فيقال لئن خرجت ينصرف إلى ذلك الغذاء والخروج مع أن الفعل نكرة في سياق النفى ولا خلاف في عمومه إلا بحسب المفعولات ونحوها مما هي شرط الوجود لا الفهم ويسمى يمين الفور سبق بإخراجه أبو حنيفة - رحمه الله - أخذًا من حديث جابر وابنه حيث دعيا إلى نصرة الإِسلام فحلفا أن لا ينصراه ثم نصراه بعد مدة ولم يحنثا وكان يقال قبله اليمين مؤبدة أو مؤقتة فأخرج قسما ثالثا هو مؤبدة لفظا مؤقتة معنى.

ومنه ما وكل بشراء اللحم يتقيد بالني مقيما وبالمطبوخ والمسوى مسافرا أو بشراء فرس أو خادم يتقيد بحال الأمر أدلى أو أعلى.

والخامس: قسم واحد هو كلام لولا ما فيه من التجوز لما صدق فيقيد تجوزا بما يقتضيه محله فالصارف صدقة والمعين للمجاز محله فلذا جاز أن يقال بدلالة حال الكلام أو محله وقد ظن أن نحو اليمين بأن لا يأكل النخلة منه لأنها لا تقبل إلاَّكل وهو بعض الظن وإلا لكان كل من الحقائق المتعذرة المهجورة عرفا أو شرعا ونحو أنبت الربيع البقل كذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>