منه:{وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ}[فاطر: ١٩] أي في الإدراك البصري، {لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ}[الحشر: ٢٠] أي في الفوز بالسباق فلا ينافيه قصاص المسلم بالذمي ومساواة ديتهما وتملك الحربي بالاستيلاء كما ظنه الشافعي - رحمه الله- كما في الآية الأولى لأن الفعل وإن عم لكونه نكرة في سياق النفي فحقيقته عموم النفي لا نفي العموم كما وهم لكنه خص ضرورة صدقه بما يقتضيه محله وهذا أحد الوجوه السالفة في تحقيقه.
ومنه: أن كاف التشبيه قد يفيد إطلاقه بعد أنه لا يوجب العموم إلا إذا دخل في العام واحتمله محله وقد مر.
ومنه: الأعمال بالنيات ورفع عن أمتي الخطأ والنسيان، أي حكمها أي ما صدق عليه حكمها وقد مر مرتين.
تنبيه: مر بحث تحريم الأعيان وما بينه وبين تحريم الأفعال تحصيل قد يعتذر الحقيقة والمجاز معا كقوله لأمر إنه المعروفة النسب تولد لمثله أو لا هذه بنتي لا تحرم وإن أصر إلا أن القاضي يفرق بينهما عند الإصرار لكونها كالمعلقة كما في الجب والعنة خلافا للشافعي فيما يولد لمثله لأن ملك النكاح أضعف من ملك اليمين والأولاد أنس له منه فينتفي بذلك بالأولى.
قلنا: تعذر الطريقان فيه أما الحقيقة ففي الآسن ظاهر وكذا في غيره أما في حق ثبوت النسب فلأنه مطلقا وفي حق كل الناس إبطال حق من اشتهر منه وفي حق نفسه فقط لأن الشرع كذبه وتكذيبه ليس أدلى من تكذيب نفسه فقام مقام رجوعه والإقرار بالنسب مما يحتمل الرجوع.
وأما في حق التحريم لكونه لازما وموجبا للبناة لا لكونه مرادا مجازا إذ الكلام في الحقيقة فلان الملزوم لو بطل كما قلنا يبطل اللازم ببطلانه كبطلان العتق لبطلان شراء الابن ولو صح ولم يتأت ما قلنا في بطلانه كما في مجهولة النسب فإن المذكور في المبسوط وإشارات الأسرار أنها أيضًا لا تحرم فلما لا تحرم أو كان مجازا عن التحريم في الآسن وغيره وهو أنه على تقدير ثبوته تحريم يتوقف على النكاح السابق فإن هذا القول للأجنبية المعروفة النسب أو المكذبة لغو وكل تحريم يتوقف عليه لا يكون منافيا ومبطلا لانعقاده وإلا لكان مبطلا لنفسه كالتطليق والتحريم اللازم من البنتية مرادا كان أو موجبا ينافيه فهذا مما لا حقيقة له فلا يصار إلى مجازه اتفاقا نحو أعتقتك قبل أن لخلق أو لعبدته هذه بنتي بخلاف قوله لعبده الاسن وغيره هذا ابني فإن العتق لا ينافي تلك اليمين بل قد