قال الطرفان رحمهم الله فيمن قال على صوم رجب ونوى اليمين أو كليهما عليه بالحنث قضاء المنذور والكفارة كما اتفقوا على النذر فيما نواه أو منع نفى اليمين أو لم ينو شيئًا وعلى اليمين لو نواها ونفى النذر وقال أبو يوسف يمين في الأول ونذر في الثاني وإلا الجمع.
قلنا إطلاق اللفظ على لازم مسماه مع نية الصرف عنه مجازى كما في الرابعة من الاتفاقيات لا إطلاقه على مسماه مقصودًا لازمه معه أو مسكوتًا عنه إذ كثيرًا ما يقصد لوازم الحقائق معها لا بطريق إطلاق عليها لو كان مع الصارف عن الحقائق فلا نزاع فيه ولو جاز بلا صارف ارتفع الثقة عن اللغة وهذا معنى قولهم اسم الذات مستجمع لجميع الصفات فيعمل في الأحكام بحسب الاعتبارين وذلك في الشرعيات كالهبة بشرط العوض والإقالة تسميان بيعًا لأنه من لوازمها وكشراء القريب يسمى إعتاقًا لأنه من لوازمه وموجباته فكذا ما نحن فيه مسماه نذر أطلق صيغته عليه وموجبه يمين قصدت معه أو بدونه لكن لا إطلاقًا للصيغة عليها بل للزومها وهذا معنى أنه نذر بصيغته أي بالنظر إليها يمين بموجبه أي بالنظر إلى موجبه ولازمه وهو تحريم المباح اللازم لمسمى النذر الذي هو إيجاب المباح وتحريم المباح يمين بالآية أو معناه دمين حكمًا بواسطة حكمه الذي هو وجوب المنذور إذ من لوازمه حرمة تركه وهو حكم اليمين قاله النسفي رحمه الله أو معناه يمين بواسطة معناه وهو الإيجاب فإن إيجاب المباح يوجب تحريم ضده وهو اليمين قاله فخر الإِسلام رحمه الله غير أن الموجب هنا تحريم المباح وهو ثابت نوى أولًا ثبوت موجبات التصرفات الثلاثة كذلك فلا مخالفة بينها وبينه في اللزوم لكن كون تحريم المباح يمينًا غير مسلم مطلقًا بل إذا قصد وصرح به كما في مورد الآية وإلا كان نحو البيع والتصديق والإبراء والإعتاق والتطليق يمينًا لكونه موجبًا لحرمة التصرف فيما كان مباحًا أو إذا لم يشتهر صرف اللفظ إلى ما يباينها حكمًا وهو النذر كما في ذكر النذر إذ لازمه ليس أقوى منه وما يقال من أن فراء القريب علة للعتق فلا يحتاج إلى النية وهذه الصيغة تصلح لليمين لا علة لها فإنما يتم بأحد هذين الوجهين فمن هنا افترقا في وجوب النية وقد علم هنا وفيما مر أن الكناية مع الصارف مجاز وبدونه حقيقة وإلا فلا ثقة فلا نفضي هنا بالتزام كونه كناية مخالفًا لتصريح الجمهور كما ظن وكذا في إرادة الحج ماشيًا بعلي المشي إلى بيت الله وإلا كان كل مطلق في مقيد كناية لا مجازًا فالكناية من الإِمام النسفي فيه مجاز.