من بعض الظن إنكار المجاز اللغوي في التصرف الشرعي زعمًا بأنه لكونه إنشاء من الأفعال وقيام فعل مقام آخر محال والحق بلا خلاف بين الفقهاء أولى الأبصار جريانه في الإنشاء كالإخبار وأن الاتصال معنويًا كان أو صوريًا كما يصلح طريقًا للاستعارة اللغوية يصلح للشرعية وأنها غير مختصة باللغة إذ المشروع كالمحسوس قائم بمعناه الذي شرع له ومتعلق صورة بسببه وعلته فوجود المناسبة معنى في الشرع كيف شرع والاتصال صورة من حيث السببية والعلية بين المشروعين يصحح انتقال الذهن من أحدهما إلى الآخر كما بين المحسوسين.
ولأن حكم الشرع متعلقًا بلفظ شرع سببًا له أو علة في تعلقه ذاك إذ الكلام فيه لا يكون إلا واللفظ قال عليه لغة كما في البيع وغيره فجريانه في الشرعيات عين جريانه في اللغويات فنقول الاتصال المعنوي فيها المشابهة في معنى المشروع كيف شرع والصوري هو السببية أي الإفضاء إلى ما ليس مقصودًا منه والتعليل، أي إيجاب ما هو المقصود منه أما المعنوي فكالوصية للإرث في قوله تعالى:{يُوصِيكُمُ اللَّهُ}[النساء: ١١] لكون كل مثبتًا للملك بالخلافة بعد الفراغ عن حاجة الميت والكفالة للحوالة بشرط براءة الأصل والحوالة لها بشرط مطالبته وللوكالة في قول محمَّد رحمه الله يقال للمضارب المفترق بلا ربح وفي رأس المال دين أحل رب المال عليه أي وكله يقبض ديونهم.
وأما الصوري فالسببية المحضة منه لا تتعاكس بل يستعار اسم السبب للمسبب لافتقاره إليه كالهبة لنكاح النبي عليه السلام أربعة من أزواجه لا كما ظن بعض الشافعية أنه بمنزلة التسري حتى صح بلا ولي وشاهد في حالة الإحرام وزائدًا على التسع وبلا قسم وبلا انحصار وطلاقه في عدد وبلا مهر قلنا حقيقة الهبة تمليك المال فلا يتصور في غير المال ولم يكن في نكاحه بذلك توقف على القبض ولا حق الرجوع وكان فيه وجوب العدل في القسم والطلاق والعدة وهذه تنافي التسري والأصح من الشافعي أنه نكاح لكنه يختص بحضرته عليه السلام لقوله تعالى {خَالِصَةً لَكَ}[الأحزاب: ٥٠].
ولأنه عقد شرع لمصالح لا تحصى من أمور الدين والدنيا لا يفيدها غير ما وضع له من لفظي النكاح والتزويج عربيًا كان أو غيره في الأصح أو لا ينعقد بغيره مطلقًا أو إن كان يحسن العربية وهذا كلفظ الشهادة موجب للحكم بنفسه بالنص فلا يقوم الحلف بالله مقامه لأنه موجب بغيره وهو مخافة هتك حرمة اسم الله تعالى ولا أعلم ولا أتيقن لأنهما خبران وضعا وعرفا وكذا المفاوضة عندكم على ما حكى عن الكرخي وروى الحسن بن زياد والصحيح أنه فيمن لا يعرف أحكامها قلنا قوله تعالى:{خَالِصَةً لَكَ}