لخصوصيتها قلنا علم من عادتهم أنه لإفادتها الظن كظاهر الكتاب والمتواتر.
٣ - المعارضة بعد عملهم بخبر البعض في وقائع كثيرة أصلًا أو حتى يروى آخر قلنا ذلك لقصورها عن إفادة الظن ورفع الريبة ولا نزاع فيه ويؤيده عمله بعد رواية الآخر مع أنه لم يخرج عن كونه خبر الواحد فهو لنا عليكم لا علينا لكم ومنها بعثه عليه السلام الأفراد إلى الآفاق كعلي ومعاذ إلى اليمن وعتاب إلى مكة أميرًا ودحية إلى هرقل أو قيصر وعبد الله بن حذافة إلى كسرى وعمرو بن أمية إلى الحبشة رسولًا فلو لم يكن خبرهم حجة لما مروا ببيان الأحكام لعدم الفائدة ولا نفتح باب الطعن بالتقصير في التبليغ حيث لم يبلغ بمن يقوم به الحجة.
قيل النزاع في وجوب عمل المجتهد ولا دلالة في هذا عليه قلنا أكثر العرب والصحابة كانوا مجتهدين عالمين بقواعد الاستنباط فيتم والاستدلال بالمجموع ولأنهم بعثوا للإخبار عن الشارع إذ بعثهم تفضيل لقوله تعالى {بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ}[المائدة: ٦٧] الآية وإنما يحتاج إليه للاجتهاد لا للفتوى عادة ومنها أن الشهادة مع أنها مظنة التهمة بالتحاب والتباغض وليست إخبارًا عن معصوم ولا عمن يخاف على الإِسلام بالكذب عليه ولا المخبر مشهورًا بالثقة إذا أوجبت العمل حتى لو لم يقض بعد البينة العادلة كان فاسقًا وإن لم يرد ذلك فكافر فالرواية أولى وكثرة الاحتياج إلى الشهادة يعارضها عموم مصلحة الزاوية.
وأما الظواهر وللتمسك بها مقدمتان:
١ - أن المتبع فيها الإجماع على صحة التمسك بها أما في الفروع فظاهر وأما في الأصول فبشهادة الإجماع على التمسك بها في حجية الإجماع وسيجىء في الإجماع أن هذا الإجماع بالقاطع فلا دور.
٢ - إن كل ما يدل على وجوب العمل بخبر الواحد مطلقًا يدل عليه في حق المجتهد إما لعمومه وإما لأنه في المقلد لغلبة ظنه بصدق مقلده بالإجماع ولاشتماله على دفع الضرر المطون فكذا في المجتهد عند غلبة ظنه بصدق الراوي بدلالته بل أولى لأنها للمقلد أسهل حصولا وسببها أضعف منها للمجتهد فإذا كفى ثمنه فهنا أولى وعموم الرواية يعارضها كثرة الاحتياج إلى الفتوى والشهادة فيعمان بدفعات ولو من واحد بعينه أو ينزل الدلالة بالنسبة إلى كل واحد.
أما حديث الضرورة ففاسد لأن إمكان العمل بالبراعة الأصلية مشترك فمنها الكتاب، كقوله تعالى:{وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ} [آل عمران: