١٨٧] الآية أوجب بيان ما في الكتاب من الواجبات فإنها أحق بالبيان ولأنها بعضه فإما على الكل وليس في وسع كل واحد أن يجتمع مع كافتهم شرقًا وغربًا وكل مخاطب يما في وسعه وإما على كل واحد فلو لم يجب قبوله لما كان لبيان الواجب فائدة للسامع قيل يحتمل أن يكون فائدته أن يحصل التواتر فيجب العمل، قلنا أحد قسمى البيان الفتوى، وحيث لم يشترط فيها التواتر لم يشترط في الآخر إذ لا دلالة على التفصيل.
١ - أنه أمر الطائفة المتفقهة بالإنذار، وهو الدعوة إلى العلم والعمل؛ لأن التخصيص يتضمنه فلو لم يكن حجة لم يفد. والطائفة تتناول الواحد في الأصح حيث أريد بطائفة من المؤمنين واحد فصاعدًا. قاله ابن السكيت وبطائفتان من المؤمنين اقتتلوا رجلان من الأنصار. ولأن أقل الفرقة ثلاثة فبعضها واحد أو اثنان ولئن سلم فلا يلزم حد التواتر بالإجماع.
٢ - أن لعل للترجي المتضمن للطلب الجازم ولما استحال على الله تعالى الترجي حمل على لازمه وإيجاب الحذر عند ترك العمل يستلزم وجوب العمل والاعتراض بأن المراد بالإنذار فتوى الفقيه في أحكام الفروع بدلالة ظاهر التفقه لأن الاحتياج إلى التفقه في الفتوى لا في الرواية؛ فالقوم المقلدون مزجوا به في المقدمة الثانية من وجهين على أن الدعوة إلى العلم في المجتهد أظهر وكقوله تعالى {الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا}[البقرة: ١٥٩] الآية أوعد بالكتمان لقصد إظهار ما في القرآن من الواجبات ولولا وجوب العمل بها لم يفد إظهارها للسامع. قيل المراد القرآن وهو متواتر والكلام فما الآحاد ولئن سلم فيجوز أن يكون إيجاب الإظهار على كل؛ لأن يبلغ باجتماعهم حد التواتر.
والجواب عن:
١ - أن كون المراد هو القرآن بالآحاد فلو لم يكن حجة لم يرد مع تخصيص لشموله الوحي الغير المتأول فالمراد إظهار ما في القرآن من الشرائع لأنه المقصود وأخبار الآحاد تفاصيله كلا أو بعضًا منطوقًا أو مفهومًا. وعن:
٢ - على أنه بعيد لندرة حصول التواتر (ما مر أن إيجاب إظهار الأحكام أعم ندبًا لفتوى أم بالرواية، فلو كان فائدته حصول التواتر لوجب فيهما أذلا دلالة على التخصيص والتفصيل وحيث لم يشترط في الأول لم يشترط فما الثاني وكقوله تعالى {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا}[الحجرات: ٦] علل عدم قبول خبر الواحد بالفسق لترتبه على الوصف: