قلنا: فلم يكن الترجيح أو التعارض للقياس من حيث هو بل للنص في الحقيقة فالمتبع ما لنا من الطريقة ويحدث من هنا فساد تفصيل أبى الحسين بلا شائبة شبهة ومانع مبين.
والمعروف بالرواية فقط؛ كأبي هريرة، وأنس بن مالك يقبل إن وافق القياس مطلقًا أو خالف من وجه وإن خالف من كل وجه وهو المراد بانسداد باب الرأي يضطر إلى تركه.
أما الأول فلكون الراوي ثقة بخلاف خبر المجهول إذا خالف القياس من وجه حيث يجوز تركه.
وأما الثاني فلأن النقل بالمعنى كان مستفيضًا فيهم فإذا قصر فقهه لم يؤمن أن يذهب عليه شيء من معانيه لأن للحديث خطرًا وقد أوتى جوامع الكلم فدخله شبهة زائدة في متنه وفي شيء يضاف إليه الحكم ولا يترك العمل بالكتاب والسنة المشهورة، أعنى حديثي معاذ الدالين على حجية القياس بالإجماع عليها في القرون الثلاثة إلا لقطعيته وليس بحيث يصاب بالاجتهاد بخلاف القياس مثل حديث أبى هريرة رضي الله عنه في المصراة فإن قياسه على ضمان العدوان بالمثل أو القيمة إجماعًا بمنع وجوب التمر لا أن هذا ضمان عدوان وإلا فمخالفته للكتاب كاف في رده ولهذا أنكرت عليه عائشة رضي الله عنها في روايته أن ولد الزنا شر الثلاثة وأن الميت يعذب ببكاء أهله، متمسكة بقوله تعالى:{وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}[الأنعام: ١٦٤] وأنكر ابن عباس رضي الله عنهما عليه روايته الوضوء مماسته النار، ومن حمل جنازة فليتوضأ، قائلا كيف نتوضأ مما عنه نتوضأ، أيلزمنا الوضوء بحمل عيدان يابسة، ويعنى به قصورهم بالنسبة إلى فقه الحديث، فأما الازدراء، فمعاذ الله.
وحديث المجهول كوابصة بن معبد وسلمة بن المحبق ومعقل بن سنان رضي الله عنهم يقبل إذا تلقاه السلف بالقبول أو بالسكوت فإنه في موضع الحاجة بيان ولايتهم السلف بالتقصير كحديث المعروف بقسميه لتعديلهم إياه، وهذا إن اختلف في قبوله عندنا كحديث معقل في قصة بَرْوَعَ أنه مات عنها هلال قبل الفرض والدخول فقضى لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمهر مثل نسائها فعمل ابن مسعود رضي الله عنه. ورواه من القرن الثاني علقمة ومسروق ونافع والحسن، وأنه قرن العدول فأخذنا بقوله قياسًا للموت بكونه مؤكدًا على الدخول ولذا وجب العدة ورد على رضي الله عنه لعود المعقود عليه سالمًا فلا يوجب العوض وأخذه الشافعي، وإذا تلقوه بالرد صار مستنكرًا لا يترك به القياس اتفاقًا كحديث فاطمة بنت ليس عليه السلام لم يجعل لها نفقة ولا سكنى ورده عمر رضي الله عنه