للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأول في الإرسال

الحديث إما مستند؛ وهو الذي يرويه واحد عن واحد رآه وسمع منه بإحدى الطرق الآتية متصلة إلى من سمع من النبي عليه السلام.

وإما مرسل وهو الذي يرويه عمن لم يسمع منه فمرسل الصحابي مقبول إجماعًا لأن قوله قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ظاهر في سماعه بنفسه فيحتمل عليه إلا أن يصرح بالرواية عن غيره وإن احتمل غيره (١) كما قال البراء بن عازب ما كل ما تحدثه سمعناه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإنما حدثنا عنه لكنا لا نكذب وكذا مرسل القولين بعدهم عندنا وعند مالك وحماد وإبراهيم النخعي خلافًا للشافعي حيث شرط لقبوله أحد أمور خمسة:

١ - أن يسنده غيره أو نفسه مرة أخرى كمراسيل سعيد بن المسيب حيث أوردها مسانيد قيل عليه، العمل بالمسند، واعتذر بأن مقصود جواز العمل به وإن لم يثبت عدالة رواة المسند أو أن العمل لا يحتاج إلى تعديلهم وفيه نظر لأن العمل بحديث المستور والمجهول غير جائز عنده وإن تعدد والظن الحاصل بانضمام الإرسال لا يربو عنده على الحاصل بانضمام إسناد آخر.

٢ - أن يرسل آخر وعلم أن شيوخهما مختلفة قبل عليه ضم الباطل إلى مثله لا يوجب القبول واعتذر بأن الظن رلما لا يحصل بأحدهما أو لا يقوى ويراد أن تعدده لا يربو على تعدد الإسناد إلى المستور أو المجهول عنده.

٣ - أن يعززه قول صحابي.

٤ - أن يعززه قول أكثر أهل العلم ولا شك أن انضمام هذين يقوى الظن لكن الكل في أن مثل هذا الظن كاف في الحجية عنده.

٥ - أن يعلم من حال الراوي أنه لا يرسل إلا بروايته عن عدل وهذا صحيح وموافق لمذهبنا لأن كلامنا في مثله وعند البعض لا يقبل مطلقًا وعند بعض المتأخرين إن كان الراوي من أئمة نقل الحديث قبل وإلا فلا فإن ما أرادوا بأئمته من لو أسند لقبل إذ هو عدل لا يروى إلا عن عدل فذلك مذهبنا وإلا فلا بد من تصويره.

لنا أولًا عمل الصحابة به كأبي هريرة في قوله عليه السلام "من أصبح جنبًا فلا صوم له حتى أسند بعد رد عائشة إلى الفضل بن عباس وكابن عباس رضي الله عنهما في أن لا ربا إلا في النسيئة حتى أسند بعد المعارضة بحديث ربا النقد إلى أسامة بن زيد وشاع أمثاله


(١) انظر: فواتح الرحموت شرح مسلم الثبوت (٢/ ١٧٤)، اللمع لأبي إسحاق الشيرازى (٤١)،
شرح الكوكب المنير (٢/ ٥٨١)، المختصر في أصول الففه لابن اللحام ص (١٠٩)، بتحقيقنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>