وثانيًا: اتفاق الصحابة على قبول روايات ابن عباس رضي الله عنهما مع أنه لم يسمع منه عليه السلام إلا أربع أحاديث كما ذكره الغزالي رحمه الله أو بضعة عشر كما ذكره السرخسي رحمه الله واعترض عليهما بأنه استدلال في غير محل النزاع إذ لاكلام في قبول مراسيل الصحابة لعدالتهم وجوابه أن وجوب عدالتهم مختلف فيه كما سيجيء وقبول مراسيلهم متفق عليه لكن بيننا وبين الشافعي لا بين الكل إذ منهم من يردها أيضًا، ذكره في جامع الأصول فهذا الاستدلال عليهم.
وثالثًا: إرسال الثقة من التابعين كابن المسيب في الميدنة ومكحول من الشام وعطاء بن أبي رباح من مكة وسعيد بن أبي هلال من مصر والشعبي والنخعي من الكوفة، والحسن البصري من البصرة، حتى قال إذا اجتمع أربعة من الصحابة أرسلته وغيرهم ولم ينكر أحد فكان إجماعًا، حتى قال البعض رد المراسيل بدعة حادثة بعد المائتين ولا يلزم عدم جواز تكفير المخالف أو تخطئته قطعًا لأن ذلك في الإجماع الضروري لا في الاستدلالي أو الظني.
ورابعًا: لو لم يكن المروى عنه عدلا لكان جزمه بالإسناد الموهم لسماعه عن عدل تدليسًا، وهو بعيد من الثقة.
وخامسًا: أن الكلام في إرسال من لو أسند إلى غير، لا يظن به الكذب فلان لا يظن به كذبه على الرسول وفيه زيادة الوعيد أولى ولذا قلنا بأنه فوق المسند ولأن المعتاد أن العدل إذا لم يتضح له طريق الاتصال رواه ليحمله ما تحمله وإذا وضح طواه غير أنه ضرب مزية يثبت بالاجتهاد فلم يجز نسخ الكتاب به بخلاف المتواتر والمشهور إذ مزيتهما لمعنى في نفسهما وهو قوة الاتصال.
قيل: فيه بحث لأن العدالة التي هي شرط القبول معلومة في المسند بالتصريح وفي المرسل بالدلالة والصريح أقوى منها ولأن الراوي الثقة ربما يظن الواسطة عدلا فيطويها ولعله لا يظهر عند السامع كذلك فليزم التصريح كيلا يلزم التقليد والجواب عنه:
١ - أن المصرح به ذكر العدل لا عدالته فضلا عن قوتها والمفهوم من دلالة عادة الطى قوة العدالة فأين أحدهما عن الآخر. وعن:
٢ - أنه وارد فيما إذا عدله الراوي بصريح لفظه وليس مردودًا والاتباع لغلبة الظن بالصدق المخصوص ليس تقليدًا.
وسادسًا: قوله تعالى: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا}[الحجرات: ٦] إما إلزاميًّا فإن