ظاهر أن العدل لا يروى إلا بعد العلم بعدالته وروايته هو الثاني فإن علم الشيخ باستحقاق الرواية أوثق من علم الراوي بنفسه لأن الغالب في جبلة النفوس استحسان نفسها لا ظن السوء بها وعبارتها المستحبة أجازني ويجوز أخبرني وقيل وحدثني إجازة وقيل ومطلقًا وهما رخصتان والأصح أن ذلك في الإجازة مشافهة إما بالكلية أو الرسالة فلا يستعمل التحدث ويجوز أنبأني بالاتفاق لأنه إنباء عرفًا ولغة كما أنه إخبار لغة كما قال:
زعم الغراب منبئ الأنباء
وأعلاها المشافهة ثم الرسالة لأنها ناطقة بخلاف الكتابة.
والثاني: المناولة ويسمى العرض وفسرها الأصوليون بأن يناوله الشيخ كتاب سماعه أو آخر مصححًا ويقول حدث به عني وبدونه لا تكفى فيغنى عنها ذلك القول غير أنها توكده ولذا هي أعلى من الإجازة المفردة وأحوط لأنها إجازة محصورة ما هي معلومة بل قيل أوفي من السماع والمحدثون إن تناول المستفيد جزءًا من حديثه ليتأمل الشيخ فإذا عرف ذلك قال له إنه روايتي عن شيوخي فحدث به عني والكلام فيها خلافًا واستدلالا وإن مشايخنا يشترط العلم وعبارة عنها مقيدة بالمناولة أو العرض كما في الإجازة بعينه وعلى الشيخ أن يشترط فيهما البراءة من الغلط والتصحيف والتزام شروط الرواية ليخرج عن العهدة ذكره المحدثون وبذلك يعلم أن القول ما قالت حذام. لأن اشتراط عدم التغيير بمن يستحقه بالعلم ما فيه.
القسم الثاني: الضبط: وعزيمته الحفظ من السماع إلى الأداء وهو فضيلة الرسول عليه السلام لقوة نور قلبه والصحابة ببركة صحبته ورخصته الكتابة حيث صارت سنة مرضية وانقلبت عزيمة صيانة للعلم.
وهي نوعان: مذكثرة للحادثة وهو المنقلب عزيمة وإمام لا يفيد تذكره.
وكل منهما إما بخطه أو بخط ثقة معروف موثقًا بيده أو يد أمينة وإما بهما موثقًا بيد ثقة وإما غير موثق وإما بخط مجهول وكل من الثمانية إما أن يعتبر في الرواية أو ديوان القاضي أو الصكوك فهذه أربعة وعشرون.
فالمذكر بأقسامه الاثنى عشر مقبول اتفاقًا ولا يشترط عدم لخلل النسيان اتفاقًا إذ منه الإنسان.
والإمام لا يقبله الإِمام مطلقًا لأن غير المتذكر من الخط كالأعمى من المراعاة والعزيمة قوله وإنه أمارة إتقانه مع أنه كان في الحديث أعلم أهل زمانه.
وأبو يوسف يقبل أو الأربعة في المحال الثلاث. وثانيها أيضًا في باب الرواية دون