للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد مر أن العقلي أيضًا أعم والحق أن كل إجماع قطعى الثبوت بالتواتر قطعى الدلالة لمعنى عدم الاحتمال الناشئ عن الدليل بالاتفاق أما بمعنى عدم الاحتمال أصلًا فإذا بلغ المجمعون عدد التواتر فكذا وإلا فإن اكتفى في التواتر بحصول اليقين من غير اشتراط عدد فهذا الإجماع الثابت بالعقل يلازمه وإن اشترط العدد فهو أعم وإذا لم يشترط العدد فلو لم يبق إلا مجتهد واحد فالحق أن قوله حجة بمضمون السمعى أن الحق لا يعدو الأمة وإن خالف صريحه فلم يخالفه قول المخالف لعدم صدق الاجتماع.

وقيل لا نظر إلى صريحه.

الثالثة: اتفاق العصر الثاني على أحد قولي العصر الأول بعد ما استقر خلافهم يمتنع عند الأشعرى وأحمد والإمام والعزالى (١) ويجوز عند غيرهم (٢) ثم قال بعض من المتكلمين ومن أصحابنا ومن الشافعية ليس بحجة والأصح عند مشايخنا أنه حجة اتفاقًا فقد صح عن محمَّد أن قضاء القاضي ببيع المستولدة ينقض وكذا عن أبي يوسف في الصحيح وأما عن أبى حينفة رضي الله عنه برواية الكرخي أنه لا ينقض فاستدل به على أنه اعتبر الاختلاف السابق لا الإجماع اللاحق وليس بتام لجواز أن يكون ذلك للشبهة في نفس الإجماع مجتهدًا لكونه مجتهدًا فيه المقتضية لنفاذ القضاء كما لا ينقض القضاء في مختلف فيه إلا إذ كان نفس القضاء مجتهدًا فيه كاستقصاء محدود في القذف أو امرأة فقضت الحدود فإنه ينقص لأن انقضاء الثاني لحق المجتهد فيه مع أن في بيع المستولدة روايات أصحها على ما في الجامع إن أمضى قاض آخر تنفذ وإلا فلا.

لنا في جوازه وإن قل على بعد لأن الإجماع لا يكون إلا عن جلى ويبعد غفلة لمخالف عنه وإن وقعت كالسوفسطائية وقوعه كإجماع من بعد الصحابة على بيع المستولدة بعد اختلافهم فيه وكما في صحيح البخاري أنه عليه السلام كان يمنع عن المتعة أي متعة الحج إلى العمرة برواية عثمان وعلى رضي الله عنهما وفي صحيح مسلم برواية عمر رضي الله عنه قال البغوي رضي الله عنه ثم صار إجماعًا أي جوازه مجمعًا عليه.

للأشعرى أو لإفضاء العادة بامتناع الاتفاق بعد استقرار الخلاف لأن المعتاد هو الإصرار لكل على مذهبه وجوابه لمنع حيث وقع.

ثانيًا: لو وقع لكان حجة لتناول الأدلة فيتعارض هذا الإجماع مع إجماع الأولين على


(١) انظر إحكام الأحكام للآمدى (١/ ٣٩٤)، نهاية السول للإسنوى (٣/ ٢٨٦).
(٢) وهو مذهب المعتزلة، وكثير من أصحاب الشافعي، وأبى حنيفة، وهو الصحيح عن فخر الدين الرازى، وابن الحاجى، انظر إحكام الأحاكم للآمدى (١/ ٣٩٤)، نهاية السول للإسنوى (٢٨٧/ ٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>