للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للعمل به أصلا وفرعًا على أن الكتاب المبين هو اللوح المحفوظ والعمل بالاستصحاب عمل بلا دليل والنص أمر بالعمل بقوله خلق لكم الآية فلا تحريم بالقياس عندنا.

أيضًا والحاصل حال بقاء وجود مكة أو عدم جبل الياقوت عدم العلم بالتغيير لا العلم بالعلم ولو سلم فبالعادة فيما دلت عليه إذ لا تخرق إلا بنحو المعجزة لقوله تعالى: {وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا} [الأحزاب: ٦٢] بخلاف الشريعة الشارعة في التبدل ولذا لم يتمسك بشريعة من قبلنا إلا إذا قصت لنا.

والسنة كقوله عليه السلام: "لم يزل أمر بني إسرائيل مستقيمًا حتى ظهر فيهم أولاد السبايا فقاسوا ما لم يكن بما قد كان فضلوا وأضلو" (١).

قلنا: المراد قياس ما لم يكن مشروعًا فهو القياس في نصب الشرائع أو الذي يقصد به رد المنصوص كقياس إبليس أو بمجرد اعتبار الصورة كأصحاب الطرد وما نحن فيه يقصد به إظهار ما قد كان أو إظهار الحق أو الإلحاق صورة ومعنى كما أمر بإظهار قيمة الصيد في قوله تعالى: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} [المائدة: ٩٥] فإنكاره عليه السلام بناء على جهلهم وتعصبهم والمعنى في الدليل من وجوه:

١ - أنه طريق لا يؤمن فيه الخطأ والعقل مانع عن سلوك مثله.

قلنا لا نعلم منعه فيما صوابه راجح والخطأ مرجوح وإلا لتعطلت الأسباب الدنيوية كزرع الناتئ وربح التاجر وعلم المتعلم وغرض المتكلم بل يوجب العمل عند ظن الصواب ولئن منع فليس منعه إحالة بل ترجيحها للترك.

٢ - أن العقل بعد ورود الشرع بمخالفة الظن يحيل وروده بالعمل به والأول ثابت كما بالشاهد الواحد وإن كان صديقًا بشهادة العبيد الكثير الدينين وكما يحرم تزوج كل من عشر اجنبيات فيهن رضيعة بغير عينها مع أنها على تقدير رضيعة وعلى تسع تقادير لا.

قلنا: بل المعلوم وروده بمتابعة الظن كما في ظاهر الكتاب والخبر وفي شهادة أربعة رجال للزنا ورجلين للعقوبة ورجل وامرأتين للمال ونحوه وواحد في هلال رمضان ونحوه وواحدة فيما يختص بهن والمنع بما ذكرتم لمانع خاص هو نوط الطون فيها لخفائها بمظان ظاهرة منضبطة فذلك نقض الحكمة المسمى كسرًا وسيجىء أنه لا يضير.


(١) أخرجه الدارمى (١/ ٦٢) ح (١٢٠)، وابن ماجه (١/ ٢١) ح (٥٦)، وابن أبى شيبة في مصنفه (٧/ ٥٠٦) ح (٥٩٢)، والبزاري مسنده (٦/ ٤٠٢) ح (٢٤٢٤)، والخطيب في تاريخ بغداد (١٣/ ٤١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>