للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما تكرر تقرر والقعدة التي هى جامعة للرأى كما علم في مخيرة قامت فقعدت فهي على الخيار بخلاف العكس حال الشهود وعرض الحاجات بعد تمام المناجاة ولذا يقرأ التشهد الذي به تتم مناجاة نبينا - صلى الله عليه وسلم - في معراجه فالختم بالشهادتين لتقبل الخدمة كما يقتضيه قوله تعالى: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر: ١٠] الآية وإتمامه بالسلام لأنه غاب سره حين تم سفره الروحانى وحين قدم منه سلم على حاضريه.

ونقول بلسان التحقيق لما تقرر في موضعه تأكد العلاقة بين الروح والبدن وتأثير كل منهما في الآخر علم أن هذه العبادة الجامعة لهيئات الإعراض عما سوى الله تعالى والتوجه إليه بمراتب الخضوع وقلبًا وقالبًا يوجب عروج القلب إلى الحضرة القدسية وحصول السعادة القلبية المستخدمة للسعادة البدنية النفسية التي لخدمها السعادة المالية وإلى السعادات الثلاث أشار أمير المؤمنين على رضي الله عنه بقوله الأوان من النعم سعة المال وأفضل من سعة المال صحة البدن وأفضل من صحة البدن تقوى القلب فعلى المسلم أن يجعل الصلاة وسيلة لتحصيل جميع الثلاث فالأول بالإعراض عن خوادم البدن من الأشياء الثمانية المذكورة في قوله تعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ} [آل عمران: ١٤] الآية وذا في أول التحريم لها والثانى بالإعراض عن القوى البدنية النفسَانية الفاسقة المكدرة التي مداخلها إلى النفس ومخارج النفس إليها الحواس الخمس ومنها منشأ الشهوة والغضب فوضحت الفرائض خمس مكتوبات وجمعة ووترا ملحقين بها.

والثالث: بتأكيدها في الركعة الثانية المتدرجة المقامات إلى حال التشهد فعنيت أوقاتها المحبوبة عند الله تعالى لينقطع إمداد الظلمة وينفتح باب عالم النور بكمال الحضور فيستمد منه إلى كسح تلك الهيئات المكدرة لوجهه أي لوجوده الإضافي ما لم يترسخ كما قال عليه السلام "الصلاة إلى الصلاة كفارة لما بينهما من الصغائر إذا اجتنبت الكبائر".

أول صلاة الظهر لأن الحاجة إلى الصلاة عند ميل شمس الروح نحو احتجاب نوره بالغاسق والإفحال الاستواء والاستيلاء على الهيولى كما كان آدم عليه السلام في الجنة قبل الهبوط فهو في مقام المشاهدة وحفظ الميثاق فلا يكلف بهذه المشاق أربع ركعات بإزاء أول أركان وجوده في النشأة العنصرية إشارة إلى وجوب تسليمها أو شكر الإنعام بها بالجنان واللسان والاركان.

ثم صلاة العصر أربعًا بإزاء الأخلاط التي تليها إذ كلما قرب البدن إلى الروح بالاعتدال بعد الروح من جناب الحق بالانجذاب إليها فلهذا صار وقتها إلى الغروب.

ثم المغرب ثلاثًا بإزاء القوى الطبيعية والحيوانية والنفسانية إذ حدوثها بأفول الروح في

<<  <  ج: ص:  >  >>