المقدم على تقليدهم ومعنى الأمر تقليدهم بعد تقليده للشافعي وأحمد في أنه ليس بحجة أولًا أنه لم يذكر في كتاب عمر رض الله عنه إلى شريح قبل قوله ثم برأيك ثم بقولي.
قلنا لاندراجه في العمل بالسنة لأنه في حكمها لأن حجيته باحتمال السماع.
وثانيا: أن حجيته لو ثبتت لكان لأنهم أعلم وأفضل فيكون قول الأعلم والأفضل حجة مطلقا.
قلنا بل اعتبار خصوصيتهم السالفة بوجوه واحتمال السماع.
وثالثا: لو كان حجة لزم تناقض الحجج لاختلافهم في المسائل الكثيرة.
قلنا: يدفعه إمكان الترجيح والتخيير والاختيار بشهادة القلب ولا أقل من الوقف إن لم يمكن شيء منها.
ورابعا: لزم أن يكون المجتهد مقلدا.
قلنا إذا كان حجة صار أحد مآخذ الحكم بل السنة الحكمية واتفق عمل سلفنا به فيما لا يقاس كما في أقل الحيض وأكثره بقول أنس وعثمان بن أبي العاص وعمر وعلى وابن مسعود كذا في المبسوط ولو روى بصورة الأثر لا الخبر وهذا في شراء ما باع بأقل مما باع قبل نقد الثمن بقول عائشة رضي الله عنها في قصة زيد بن أرقم واختلف في غيره وخالف الصاحبان ابن عمر في عدم اشتراط إعلام رأس المال إذا كان مشارا والإمام شرطه أخذا بقوله.
وأيضًا وافقا عليا رضي الله عنه في ضمان الأجير المشترك إذا هلك لا بصنعه وبسبب يمكن الاحتراز عنه كالسرقة لا كالحرق الغالب والغارة العامة والإمام رضي الله عنه عمل بالرأي وقال إنه أمين فلا يضمن كأجير الواحد والمودع.
وأيضًا خالف الشيخان جابر وابن مسعود رض الله عنهما في تطليق الحامل ثلثا للسنة قياسا على الصغيرة والآيسة لعدم رجاء الحيض إلى أوان الوضع ووافقهما محمَّد رحمه الله في قوله لا تطلق للسنة إلا واحدة.
لا يقال هذا الخلاف فيما يقاس ولم ينقل من غير قائله رد ولا تسليم صريحا أو دلالة بأن كانت الحادثة مما لا يعم بها البلوى فلم يشتهر عادة وإلا كان خلافًا بينهم فالحق لا يعدوه أو إجماعًا سكوتيًا وهذه الأمثلة مما فيه الخلاف بينهم.
لأنا نقول إن لم يثبت الخلاف بينهم فيها فذاك وإلا فالتمثيل باعتبار ترجيح أحد أقوالهم أو العمل به بشهادة القلب فإن الطريق في مثله ذلك وعند تعذره يعمل بأبي أقوالهم شاء بشهادة القلب كتعارض وجوه القياس.