ولا يستدل بأنه لو ظنه به بالبقاء لكان بينة النفي أولى لتأيده به إذ لا ظن بها أصلًا لقرب غلطها يظن الموجود معدومًا لعدم العلم به بخلاف بينة الإثبات.
ولأن للعلم بالوجود طرقًا قطعية لا ألتقى ولأن إنكار الحق أكثر من دعوى الباطل فتعارض الغلبة أصالته فلا يورث الظن.
وله أن الظاهر عند عدم المعارض القطعي أو الظني بقاء الثابت بالضرورة ولولاه لما شاع به أقل مراسلة من فارقه ولا الشغل المقتضي لمدة كالحراثة والتجارة والقارض وإرسال الوديعة والهدية إلى بعيد والظاهر متبع شرعًا وإن بقاء الشرائع ولو إلى وقت النسخ وبه وكذا عدم زوال استيفاء النكاح مع الشك في الطلاق والعكس والوضوء مع الشك في الحدث وبالعكس.
ولذا حكم عليه السلام باستدامة الوضوء حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا ووجبت الشفعة إذا أقر المشتري بأن ما به الشفعة كان للشفيع أو شراه من مالكه وقبل الشهادة بأنه كان ملكا للمدعي.
قلنا البقاء لكونه غير الوجود الأول يحتاج إلى مبق فإن علم أو ظن وجود المبقي فبذاك لا بالاستصحاب كما لني الصور المذكورة فإن ورود الشرع يقتضى شريعة موجبة إلى نزول الناسخ.
ونحو البيع والنكاح والوضوء يوجب حكمًا ممتدا إلى ظهور المناقض والعادة في الأفعال المذكورة المبنية على البقاء العادي مبقية إذ لولا أن العادة دليل معتبر لم يوثر خرق العادة بالمعجزة في وجوب الاعتقاد والاتباع فالتبعية فيها بدليلها وهو مراد من قال أنه دليل لا بقاء ما كان على حاله لا لإثبات ما لم يكن ولا للإلزام والنزاع فيما يبقى بلا مبق كما في الأمثلة السالفة.
ومن فروعنا: أن اللقيط في دار الإِسلام حر ظاهرا فلو زنى وأنكر حريته لا يرجم بظاهر حريته ومن قال له يا زاني لا يحد إذا أنكر القاذف حريته لأن الظاهر لم يصلح ملزما وأن المفقود لا يرث ممن مات قبل الحكم بفقده ولا يورث فجعل حياته
المستصحبة دافعة لا ملزمة لأن الإرث من الإثبات وعدم الإيراث من الدفع بخلاف الغائب قبل الفقد لأن كونه بمسمع من طالبه دليل أنه لو مات لسمع عادة فلبقائه مبق ومع اختلاف الأصلين الخد الحكم بنفاذ شراء مقر حرية عبد عليه.
(١) أورده الدينوري، انظر: تأويل مختلف الحديث (١/ ١٨٧).