فعندنا لأن زعم كل حجة في حقه لا في حق غيره فنيفذ البيع ويجب الثمن لئلا يكون زعم المشتري حجة على البائع ويعتق بولاء موقوف إن زعم تحرير البائع لزعمه فهو تخليص في حقه وعنده لأن زعم البائع لاستناده إلى الاستصحاب حجة على المشتري فبذا ينفذ البيع ولا دليل لزعم المشتري فيجب عليه الثمن ثم يعتق لزعمه.
الثاني: الاستدلال بعدم المدارك ويسمى الاحتجاج بلا دليل لا يصح إلا من صاحب الشرع كما قال: {قُلْ لَا أَجِدُ}[الأنعام: ١٤٥]، {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ}[المؤمنون: ١١٧]، وقد قيل في غيره حجة للنفي وطريقتهم في الاحتجاج به قولهم لا دليل على ثبوته فيجب نفيه وبينوا الأولى إما بنقل أدلة المثبتين وإبطالها وإما بحصر وجوه الأدلة ونفيها بعدم وجدانهم لها ويكون الأصل عدمها وبينوا الثانية إما عقلا فبانه لو جاز ثبوت ما لا دليل له لزم القدح في الضروريات لجواز وجود الممكنات الكثيرة المستبعدة بحضرتنا ولا نجسها وفي النظريات لجواز الغلط في كل دليل يقام عليها وإما نقلا فبالآيتين المذكورتين.
وقال بعض الشافعية استصحاب فيصح دافعا وملزما.
قلنا أولًا الإجماع على طلب الدليل في نفي الشريك ونفي الحدوث عن الله تعالى أبطل الإيجاب الكلي وبطل المذهبان لعدم القائل بالفصل.
وثانيا: على الأول إن أريد النفي الأصلي فلا كلام فيه بل حاصله عدم الثبوت لا ثبوت العدم ولذا لا يصير المدعي العاجز عن البينة مقضيا عليه وإن حلف الخصم المنكر وإن أريد النفي الشرعي فلا ثم لأنه يصلح دليلًا عليه لاحتمال عدم اطلاعه عليه مع وجوده كيف وإن فوق كل ذي علم عليما اللهم من الشارع الإحاطة علمًا بجميع الأدلة يويده طلب البرهان بقوله تعالى: {وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا}[البقرة: ١١١] إلى قوله: {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ}[البقرة: ١١١]، فإن طلب الدليل على الحصر يقتضي طلب الدليل على النفي الذي هو جزؤه.
ومنه يعلم معنى إبطاله بأن نفي الشيء لا يكون إياه فنفي الدليل ليس دليلًا فلا يرد أنه غير تام لجواز أن يكون المنفي دليل الإثبات ونفيه دليل النفي لأن المراد ها هنا نفي مطلق الدليل أما نفي المعين من دليل الإثبات فهو التعليل بالنفي الذي مر.
فحاصل الجواب أن عدم الدليل في نفس الأمر ممنوع وعند المستدل لا يفيد وإلا كان الأجهل بالدلائل أكثر علمًا.
وعلى الثاني لو صح للنفي والإثبات يلزم من عدم دليل النقيضين الجزم بهما ولا يلزم