قول محمَّد رحمه الله في العنبر لا خمس فيه لأنه لم يرد فيه الأثر لأن معناه أن وجوب الخمس على خلاف القياس فيقتصر على ما فيه الأثر.
وقيل لأنه لم يكتف به بل ذكر حاكيًا عن أبي حنيفة رضي الله عنه أنه كالسمك وهو كالماء ولا خمس فيه ومعناه ما مر أن الخمس إنما يجب بالتسليط على ما في يد العدو وقهر الماء بمنع قهر العدو.
ثم قال علماؤنا التمسك بالاستصحاب أربعة أوجه:
١ - عند القطع بعدم المغير لحس أو عقل أو نقل ويصح إجماعًا كما نطقت به الآية.
٢ - عند العلم بعدم المغير بالاجتهاد ويصح لإيلاء العذر ولا حجة على الغير إلا عند الشافعي وبعض مشايخنا منهم علم الهدى رحمه الله لأنه غاية وسع المجتهد.
٣ - قبل التأمل في طلب المغير وهو بط بالإجماع لأنه جهل محض كعدم علم من أسلم في دارنا بالشرائع وصلاة من اشتبهت عليه القبلة بلا سؤال وتحر.
٤ - لإثبات حكم مبتدأ وهو خطأ محض لأن معناه اللغوى إبقاء ما كان ففيه تغيير حقيقته واعتبره بعض الشافعية حتى قالوا بإيراث المفقود من مورثه لذلك وأخطأوا في التخريج لأنه بواسطة الحياة الباقية حكمًا وليس بإثبات ابتدائي.
قال فخر الإِسلام رحمه الله ومن شرع في العمل بلا دليل اضطر إلى التقليد الذي هو باطل إذ عند انتفاء الضرورة والنظر بتعين التقليد أو التشهى ولما لم يحتمل التشهى الصحة أصلًا عين التقليد أو معناه اضطر إلى جواز التقليد الباطل لأنه من أقسام العمل بالدليل.
الثالث: التقليد: وهو اتباع الغير على اعتقاد أنه محق من غير دليل على وجوب اتباعه لأنه لما تبرع بالتزام قوله كأنه جعله قلادة عنقه وذلك كاتباع الكفرة آباءهم المذموم في الآيات والمبتدعة مقتداهم المذموم في الأحاديث إذ لو صح لكان جميع الأديان الباطلة حقا ولزم اجتماع النقيضين لتناقض الأديان وفيما قلد اثنان لاثنين في النقيضين ولأنه معارض بالمثل ولأن مقلد الكافر كافر ومقلد المؤمن عاص بترك الاستدلال ولا شيء من سالك طريق الحق يعصي بسلوكه وهذا بخلاف اتباع الأمة قول النبي لأنه بالكتاب والإجماع أو الإجماع لأنه عن دليل مر فيه حجيته واتباع الأمة قول المفتي أو القاضي قول الشهود لأنهما عن نص نحو {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}[النحل: ٤٣] أو إجماع فهذه الأقسام.