وما قال أبو حنيفة ومالك والأوزاعي وعامة الفقهاء وأهل الحديث من أن إيمان المقلد صحيح فليس لصحة التقليد بل لوجود حقيقة الإيمان وهو التصديق بجميع ما علم مجيء النبي عليه السلام به بالضرورة ولذا قلنا بصحة ارتداد الصبي العاقل واستحقاقه العقاب السرمدي بذلك ألا يرى أنه عاص بترك الاستدلال فهو مثاب ومعاقب من جهتين إما في فروع الشريعة فقال صاحب الميزان يحل التقليد للعوام من لم يبلغ درجة الاجتهاد للضرورة ولكن عليهم أن يقلدوا من اشتهر عندهم بأنه أعلم وأورع ولا يقلد المجتهد إلا للصحابي في المختار وإن روى عن أبي حنيفة رضي الله عنه جواز تقليده لمن هو أعلم منه وسيجيء بيان هذه المسائل.
الرابع: الإلهام وهو الإلقاء في الشروع بطريق الفيض أي خلق الله تعالى في قلب الغافل علمًا ضروريا نظريا كان أو عمليا وقد يطلق على ذلك العلم كضرب الأمير وهو للنبي عليه السلام حجة عليه وعلى غيره لا لغيره إلا للولي على نفسه لأنه في حقه ملحق بوحي نبيه كرامة له ببركة متابعته.
وقالت الصوفية الإلهام حجة مثل النظر العقلي.
لنا أولًا أنه معارض بالمثل.
وثانيا: أنه ملتبس بالهواجس والوساوس فلا يتيع إلا إذا كان على وفق الحجج الشرعية كيف وإذا وجب رد الحديث المخالف لكتاب الله فرد غيره أولى.
ورابعا: دلالة الإجماع على عدم جوازَ قول الرسول عليه السلام إلا بعد إظهار المعجزة وإلا لاشتبه النبي بالمتنبي وقبول قول المتنبي كفر.
لهم أولًا قوله تعالى:{أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ}[الزمر: ٢٢] حيث أول بالإلهام وكذا قوله تعالى: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا}[الأنعام: ١٢٢].
قلنا مسلم أنه ثبت كونه من الله أو من الملك بإذنه كما بالمعجزة للنبي في حق الكل وبالكرامة في حق نفسه.
وثانيا: قوله عليه السلام لوابصة استفت قلبك ولو أفتوك وقوله عليه السلام "اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله"(١).
(١) أخرجه الترمذي (٥/ ٢٩٨) ح (٣١٢٧)، وقال غريب، والطبراني في الأوسط (٣/ ٣١٢) ح (٣٢٥٤)، والطبراني في الكبير (٨/ ١٠٢) ح (٧٤٩٧)، والقضاعي في مسند الشهاب =