١ - قولنا طول الحرة أي القدرة على زوجها لا يمنع الحر عن نكاح الأمة لأن العبد إذا أذن له مولاه مطلقًا قائلا تزوج من شئت دافعًا مهرًا صالحًا للحره بملكه فكذا الحر كسائر الأنكحة أقوى تأثيرًا من قولهم أنه إرقاق مائة ابتداء من غنيته عنه وهو حرام على كل حر كالذي تحته حرة لأنه إهلاك معنى على ما عرف واستذلال للجزء لا لضرورة خوف الوقوع في الزنا المذكور في قوله تعالى:{ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ}[النساء: ٢٥] والإباحة للضرورة ترتفع لعدمها كما في الميتة أما البقاء على الرق والامتناع عن تحصيل الحرية فلا يحرم حتى يبقى الرق مع الإِسلام فلذا يبقى نكاح الأمة عند تزوج الحرة عليها وجاز للعبد تزوج الأمة مع طول الحرة وذلك لأن توسع النعم بالحرية لا بالرق كما زعم ويظهر بالنظر في حال البشر أن الحل يزداد حسب ازدياد الكرامة كما في النبي عليه السلام.
فإن قيل سلمنا تأثير الحرية في الإطلاق لكن ما لم يفض إلى الإرقاق وتأنيس الخسيس وإلا فالكرامة في المنع كحرمة المجوسية على المسلم دون الكافر.
قلنا لو صح لما جاز نكاح الأمة لمن ملك سرية أو أم ولد يستغنى بها عنه غير أن المذكور في تهذيبهم عدم جوازه لمن ملكها أو قدر على شرائها فيكون رد المختلف إلى المختلف فالأصح منع أنه إرقاق كيف والماء لا يوسف بالحرية ما دام ماء بل امتناع عن تحصيل حريته ولئن سلم فلا نعلم حرمته كيف وتضييع الماء بالعزل بإذن الحرة وبنكاح الصبية والعجوز والعقيم وإنه إتلاف حقيقة جائزة فالإرقاق الذي هو إتلاف حكمى ويرجى زواله بالعتق أولى.
٢ - قولنا يجوز للمسلم نكاح الأمة الكتابية لأن دينها دين يصح معه نكاح حرتها كدين الإِسلام فهذا إما قياس للأمة الكتابية على الحرة الكتابية ووجهه ما سيجىء أن أثر الرق في التنصيف لا في التجريم وإما قياس لدينها على دين الإِسلام لأنه ملحق به في حل النكاح أو قولنا لأن العبد المسلم يملكه فيملكه الحر المسلم كسائر الأنكحة وهذا أيضًا يحتمل قياسين ووجهها أن مقتضى الحرية اتساع الحل لا تضييعه أولى من قولهم كل من الرق والكفر مما يمنع النكاح في الجملة حتى لم يجز نكاح الأمة على الحرة أو الحربية للمسلم فباجتماعهما صارا كالكفر الغليظ من المجوسية والارتداد أو ضرورة نكاح الأمة قد انقضت بإحلال الأمة المسلمة التي هى أظهر كالمضطر إذا وجد ذبيحة المسلم الغائب كان أولى من الميتة وذلك لأن سبب التحريم ليس دينها لحل حرتها ولا رقها لأن أثر الرق