للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بضع عشر ليلة كما [رواه البخاري من طريق ابن شهاب عن عروة بن الزبير] (١) ، وقيل: غير ذلك.

وأسس لهم المسجد الذي ذكر في القرآن أنه أسس على التقوى وصلى فيه، ثم ركب راحلته فسار يمشي ومعه الناس، وكلما مر على طائفه من أهل المدينة يقولون له: أقم عندنا فإننا أصحاب عدد وعدد ومتعة، وهو راكب ناقته وهم يحجزونها، فيقول لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: خلوا سبيلها فإنها مأموره، حتى بركت عند مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقيل: نزلت على باب المسجد ثلاث مراراً بركت أول مرة ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليها لم ينزل، ثم قامت وسارت غير بعيد، ثم رجعت إلى مبركها أول مرة ثم تحلحلت ثم عادت إليه فنزل عنها - صلى الله عليه وسلم - فقال حين بركت به: هذا إن شاء الله هو المنزل ثم اشتراه من اليتيمين بعشرة دنانير، ثم بناه مسجداً، وكان ينقل معهم اللبن في بنائه ويقول:

هذا الحمال لا حمال خيبر ... هذا أبر بنا وأطهر

اللهم إن الأجر أجر الآخرة ... فارحم الأنصار والمهاجرة

فائدة: وقال ابن سيد الناس (٢)

قال عبد الله بن سلام (٣) : ولما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة فانجفل الناس إليه فكنت فيمن انجفل، فلما رأيت وجهه - صلى الله عليه وسلم - عرفت أن وجهه


(١) ما بين [] في الأصل: «كما رواه أنس من طريق البخاري» وهو خطأ، وما أثبت من صحيح البخاري فقد رواه معلقاً من قول ابن شهاب الزهري كما أثبت. انظر: صحيح البخاري
(٣/١٤٢١، رقم ٣٦٩٤) .
قال ابن حجر في الفتح (٧/٢٤٣) : قوله: «قال ابن شهاب فأخبرني عروة بن الزبير أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقي الزبير في ركب» هو متصل إلى ابن شهاب بالإسناد المذكور أولاً، وقد أفرده الحاكم من وجه آخر عن يحيى بن بكير بالإسناد المذكور ولم يستخرجه الإسماعيلي أصلاً، وصورته مرسل لكنه وصله الحاكم أيضاً من طريق معمر عن الزهري قال أخبرني عروة أنه سمع الزبير به، وأخرجه موسى بن عقبة عن بن شهاب به وأتم منه.
قلت: والحديث من طريق معمر أيضاً عند عبد الرزاق في المصنف (٥/٣٩٥) .
والحديث رواه موصولاً أيضاً من طريق آخر: الطبري في التاريخ (١/٥٧١) قال: حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، قال: حدثني محمد بن إسحاق، قال: حدثني محمد بن جعفر بن الزبير، عن عروة بن الزبير، عن عبد الرحمن بن عويم بن ساعدة، قال: حدثني رجال قومي من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره بنحوه.
(٢) ابن سيد الناس هو: فتح الدين أبو الفتح محمد بن محمد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن يحيى بن سيد الناس الشافعي الإمام الحافظ اليعمري الأندلسي الأشبيلي الأصل المصري المعروف بابن سيد الناس، ولد في ذي القعدة –وقيل: في ذي الحجة- سنة إحدى وسبعين وستمائة بالقاهرة، وسمع الكثير، وتفقه على مذهب الشافعي، وأخذ علم الحديث عن والده وابن دقيق العيد، ولازمه سنين كثيرة وتخرج عليه وقرأ عليه أصول الفقه، وقرأ النحو على ابن النحاس، وولى دار الحديث بجامع الصالح، وخطب بجامع الخندق، وكانت وفاته فجأة في حادي عشر شعبان سنة أربع وثلاثين وسبعمائة ودفن بالقرافة، وصنف كتباً نفيسة: منها السيرة الكبرى سماها: عيون الأثر في مجلدين، واختصره في كراريس وسماه: نور العيون، وشرح قطعة من كتاب الترمذي إلى كتاب الصلاة في مجلدين، وصنف في منع بيع أمهات الأولاد مجلداً ضخما يدل على علمه الكثير.
انظر: شذرات الذهب (٦/١٠٨) ، والحسيني في ذيل تذكرة الحفاظ (ص: ١٦) ، وذيل طبقات الحفاظ للسيوطي (ص: ٣٥٠) .
(٣) هو: عبد الله بن سلام بن الحارث الإسرائيلي، أبو يوسف، صحابي، قيل: إنه من نسل يوسف بن يعقوب، أسلم عند قدوم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة، وكان اسمه: «الحصين» فسماه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عبد الله، وشهد مع عمر فتح بيت المقدس والجابية، ولما كانت الفتنة بين علي ومعاوية، اتخذ سيفاً من خشب، واعتزلها، وأقام بالمدينة إلى أن مات، له ٢٥ حديثاً، وكانت وفاته سنة: ٤٣هـ‍.

<<  <  ج: ص:  >  >>