فذهب عقله ولبه، وترك الأذان وذهب إليها وخطبها فقالت: مهري ثقيل عليك، فقال وما هو؟ فقالت: تدخل في ديني فكفر بالله ودخل في دينها، فقالت: إن أبي في أسفل الدار فأنزل إليه واخطبني منه فنزل وزلت رجله فسقط ومات كافراً ولم يقض شهوته نسأل الله تعالى أن يمتنا على الإسلام بمنه وكرمه.
«قال فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ قلت: لا» أي: لا نتهمه بالكذب، لكن ذكر ابن سيد الناس في السيرة أنه يروى في خبر أبي سفيان أنه قال لقيصر قد كذب قال: وما هو؟ قال: أنه زعم لنا أنه خرج من أرضنا أرض الحرم في ليلة فجاء مسجدكم هذا مسجد إيليا ورجع في تلك الليلة قبل الصباح قال: وبطريق إيليا عند قيصر، فقال: صدق ما قال، وما أعلمك بهذا قال إني كنت لا أنام ليلة حتى أغلق أبواب المسجد، فلما كانت تلك الليلة أغلقت الأبواب كلها غير باب واحد غلبني فاستعنت بعمالى ومن يحضرني فلم نستطيع أن نحركه، كأنما نزاول جبلاً فدعوت النجاري فنظر إليه فقال: هذا باب سقط عليه النجاف والبنيان فلا تستطيع أن نحركه حتى نصبح، فنظر من أين أتى فرجعت وتركت البابين مفتوحين فلما أصبحت غدوت عليها، فإذا الجبل الذي في زاوية المسجد منقوب، وإذا فيه أثر ربط الدآبة، فقلت لأصحابي: ما حبس هذا الباب الليلة إلا على نبي، وقد صلى الليلة في مسجدنا هذا، فقال قيصر: يا معشر الروم أنتم تعملون أن بين عيسى وبين الساعة نبياً بشركم به عيسى ترجون أن يجعله الله فيكم قالوا: بلى قال: فإن الله قد جعله في غيركم في أقل منكم عدداً وأصغر منكم بلاداً وهي رحمة يضعها حيث شاء.
«قال فهل يغدر» أي: ينقض العهد «قلت: لا، قال أبو سفيان: ونحن منه في مدة لا ندري ما هو فاعل فيها» .
يعنى: صالحناه على ترك القتال مدة لا ندري ما يفعل في هذه المدة، وهذا منه أشارة إلى عدم الجزم بغدره.
«قال أي: أبو سفيان ولم تملكني كلمة أدخل فيها شيئاً» أي: انتقصه به غير هذه الكلمة يعني قوله «ونحن في مدة منه لا ندري ما هو فاعل» فيها من قبيل إطلاق الكلمة على الكلمة.
قال ابن مالك:
* وكلمة بها كلام قد يؤم *
ولم يمكنه أن ينتقص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأنه كان يعلم من أخلاقه - صلى الله عليه وسلم - الوفاء والصدق.