ونقل هذا المذهب عن الإمام الشافعي وهو مذهب البخاري - رضي الله عنه - فإنه عقد أبواباً بإطلاق الإيمان على الأعمال، فالسلف أرادوا إطلاق الإيمان على الأعمال كما قاله ابن حجر على أنها شرط في كماله لا في صحته.
والخوارج أرادوا بذلك أن الأعمال ركن من أركانه كما تقدم، فعند السلف متى فسد العمل بطل كمال الإيمان لا أصله وهو مقصود البخاري بإطلاق الإيمان على الأعمال.
الرابع: الإيمان تصديق باللسان فقط أي: الإتيان بكلمتي الشهادة، وهذا قول الكرامية، وهذا القول أيضاً مردود باطل، ويدل على بطلان صحة نفي الإيمان عن بعض المقرين باللسان قال الله تعالى ?وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ? [البقرة: ٨] ، وقال الله تعالى: ?قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا? [الحجرات: ١٤] .
قال المولى سعد الدين: وأما المقر باللسان وحده فلا نزاع في أنه يسمى مؤمناً لغة وتجري عليه أحكام الإيمان ظاهراً، وأما النزاع في كونه مؤمناً بينه وبين الله، والنبي - صلى الله عليه وسلم - ومن بعده كانوا يحكمون بإيمان من تكلم بكلمة الشهادة، وكانوا يحكمون بكفر المنافق، فدل على أن المعتبر في الإيمان إقرار اللسان فقط، وأيضاً الإجماع منعقد على إيمان من صدق بقلبه وقصد الإقرار باللسان فمنعه مانع من خرس ونحوه.
فائدة: تصديق النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما جاء سمي إيماناً لأن العبد إذا صدقه - صلى الله عليه وسلم - في ذلك أمن من القتل الدنيوي، والعذاب الأخروي.
فائدة: ذكر العلماء من الشافعية لصحة الإسلام أي: للإقرار بالشهادتين من الكافر سواء جعلناه شطراً أو شرطاً ست شرائط نظمها بعضهم فقال:
شرائط إسلام حقيقاً بصحة ... نعم ستة تعزى لأهل البصيرة
بلوغ وعقل واختيار ولفظة ... وقول مجهرالترتب تمت
الشرط الأول: البلوغ فلا يصح إسلام صبي استقلالاً كما قاله في الروضة.
وأما الصبي المميز ففيه أوجه الصحيح المنصوص عليه أنه لايصح إسلامه، لكن يشكل ذلك بإسلام سيدنا علي كرم الله وجهه فإنه كان قبل البلوغ، ولهذا كان بدر الدين بن جماعة قاضي مصر يقضي بصحة إسلامه، وبصحة إسلامه قال الأئمة الثلاثة قالوا: إلا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دعا علياً إلى الإسلام فأجابه، قالوا أولاً يلزم من كون غير مكلف لا يصح منه الإسلام فإن عباداته من صلاة وصيام ونحوها صحيحة فكذلك