للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لطيفة: كان في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلاً فقيراً اسمه: ثعلبة بن حاطب فشكى فقره إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وسأل من النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يرزقه الله مالاً ويؤدي منه كل ذي حق حقه، فدعا له فوسع عليه، فانقطع عن الجمعة والجماعة، ومنع الزكاة فجمع مالاً عظيماً ودعا له بالبركة، وعاهده على إخراج حق الله منه، فكثر ماله فطلب منه النبي - صلى الله عليه وسلم - الزكاة فقال: إن الجزية تؤخذ من اليهود والنصارى لا من قريش، فطلب منه ثانياً وقال له: - صلى الله عليه وسلم - «إما الزكاة وإما السيف» فأرسل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أغناماً صفافاً فنزل جبريل وقال: يا محمد الله قد نزع لباس الإيمان عنه ولبس لباس الكفر، والي هذا أشار الله بقوله العزيز ?وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ * فَلَمَّا آتَاهُم مِّن فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُم مُّعْرِضُونَ * فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ? [التوبة: ٧٥ - ٧٧] .

قال بعض المفسرين (١) : جاء بعد نزول هذه الآية إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بزكاته فقال: «إن الله منعني أن أقبل منك» ، فجعل يحثوا التراب على رأسه، ثم جاء بها إلى أبي بكر فلم يقبلها، ثم إلى عمر فلم يقبلها، ثم إلى عثمان فلم يقبلها ومات.

وروينا في هذا الصحيح أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أتاه الله مالاً فلم يؤد زكاته، مثل له يوم القيامة شجاع أقرع له زبيبتان يطوقه، ثم يأخذ بلهزمته يعني شدقيه ثم يقول: أنا ملكك أنا كنزك، ثم تلى ?وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَّهُم بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ? [آل عمران: ١٨٠] » (٢) .

وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «ما من رجل يموت يترك غنماً أو إبلاً أو بقراً لم يؤد زكاتها، إلا جاءته يوم القيامة أعظم ما يكون وأسمنه، حتى تطؤه بأظلافها، وتنطحه بقرونها حتى يقضى بين الناس كلما تقدمت أخراها عادت عليه أولاها» (٣) .


(١) روى قصة ثعلبة وما كان منه ورجوعه بعد نزول الآيات الطبري في تفسيره (١٠/١٩٠) من حديث ابن عباس.
وانظر: تفسير ابن كثير (٢/٣٧٥) .
(٢) انظر رواية البخاري في صحيحه (٢/٥٠٨، رقم ١٣٣٨) عن أبي هريرة.
(٣) متفق عليه، أخرجه البخاري في صحيحه (٢/٥٣٠، رقم ١٣٩١) ، ومسلم في صحيحه (٢/٦٨٦، رقم ٩٩٠) من حديث أبي ذر.

<<  <  ج: ص:  >  >>