للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما النوع الثالث: وهم الذين لا علم عندهم ولا عمل، لا ينفعون ولا ينتفعون، فهم أشقى الخلق، لأنهم لم يقبلوا هدى الله، ولم يرفعوا به رأساً، لا حفظ عندهم ولا فهم، ولا رواية ولا دراية، ولا رعاية إنهم كالأنعام بل هم أضل سبيلاً، فهذه الطائفة هم الذين يضيقون الديار، ويغلون الأسعار، ليس همُّ أحدهم إلا بطنه وفرجه، فإن ترقت همته فوق ذلك كان همة مع ذلك لباسه وزينته، فإن ترقت همته فوق ذلك كان همة في داره وبستانه ومركوبه، فإن ترقت همته فوق ذلك كان همه في رياسته والانتصار للنفس الغضبية.

فينبغي للعاقل أن يجمع بين العلم والعمل به فإن لم يقدر على ذلك فليكن عاملاً بما تعلمه منهم فإن لم يفعل ذلك كان من أشر الناس، ويكفي من لا علم ولا عمل ذماً أن يحرم درجة العلماء وعزهم وشرفهم، ودرجة العاملين بقول العلماء والمقتدين بهم، فإن الإنسان ولو بلغ في العز في الدنيا مهما بلغ إذا لم يكن عنده علم ولا عمل فهو حقير عند الله، وينتهى عزه إلى ذل.

قال أبو الأسود: ليس شيء أعز من العلم، الملوك حكام على الناس والعلماء حكام على الملوك (١) .

وقال الأحنف: كاد العلماء يكونون أرباباً، وكل عز لم يؤكد بعلم فإلى ذل مصيره (٢) .

وقال سالم بن أبي الجعد: اشتراني مولاي بثلاثمائه درهم واعتقني، فقلت: بأي حرفة أحترف، فاحترفت بالعلم فما تمت لي سنة حتى أتاني أمير المدينة زائراً، فلم آذن له (٣) .

قال الزبير ابن أبي بكر: كتب لي أبي بالعراق عليك: بالعلم إن كنت فقيراً كان لك مالاً، وإن استغنيت كان جمالاً (٤) .

وقال الزهري: العلم ذكر ولا يحبه إلا ذكور الرجال (٥) .

وبقي نوع آخر من الناس وهو لم يذكره هنا وهم: الذين يتعلمون العلم ويكتمون


(١) انظر: إحياء علوم الدين (١/٧) .
(٢) انظر: إحياء علوم الدين (١/٨) .
(٣) انظر: إحياء علوم الدين (١/٨) .
(٤) انظر: إحياء علوم الدين (١/٨) .
(٥) انظر إحياء علوم الدين (١/٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>