للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن الناس، فهم ينفعون أنفسهم به ولا يعلمون الناس بخلاً، فهذا النوع من الناس أيضاً مذموم قبيح، فإن العلم فضل الله، ويحرم عليه أن يبخل بفضل الله على مستحقيه، ولله در القائل:

ومن يك ذا فضل فيبخل بفضله ... على قومه يستعن عنه ويذمم

قال تعالى: ?وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ? [آل عمران: ١٨٧] .

وقال تعالى: ?وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ? [البقرة: ١٤٦] .

وقال - صلى الله عليه وسلم -: «ما أتى الله عالماً علماً إلا أخذ عليه من الميثاق ما أخذ من النبيين، أن يبينه ولا يكتمه» (١) .

وقال: «من سئل عن علم يعلمه فكتمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار» (٢) .

ولو كتم العلم عمن لا يستحقه ككثير من الجهال الذين لا ينتفعون بالعلم ولا يلتفتون إلى العمل به أو يخاف عليهم من الفتنة بما يتعلمه فلا إثم عليه حينئذ في كتمه.

قال إمامنا الشافعي:

ومن منح الجهال علماً أضاعه ... ومن منع المستوجبين فقد ظلم

وكاتم علم الدين عمن يريده ... يبوء بإثم زاد وآثم إذا كتم

وقال بعضهم ونسب إلى زين العابدين:

إني لأخفي من علمي جواهره ... كي لا يرى العلم ذو جهل فيفتننا

ورب جوهر علم لو أبوح به ... لقيل لي أنت ممن يعبد الوثنا

ولاستحل رجلاً دينون دمى ... يرون أقبح ما يأتونه حسنا


(١) أخرجه ابن الجوزي في العلل المتناهية (١/١٠٤، رقم ١٤١) ، وابن حجر في القول المسدد (١ /٥) عن أبي هريرة.
(٢) أخرجه أبو داود في سننه (٣/٣٢١، رقم ٣٦٥٨) ، والترمذي في سننه (٥/٢٩، رقم ٢٦٤٩) وقال: حسن. وابن ماجه في سننه (١/٩٨، رقم ٢٦٦) ، وأحمد في مسنده (٢/٣٤٤، رقم ٨٥١٤) ، والحاكم (١/١٨٢، رقم ٣٤٥) ، والبيهقي في شعب الإيمان (٢/٢٧٥، رقم ١٧٤٣) عن أبي هريرة.
وأخرجه ابن ماجه في سننه (١/٩٧، رقم ٢٦٤) عن أنس. قال البوصيري: هذا إسناد ضعيف.
وأخرجه الطبراني في الكبير (١٠/١٢٨، رقم ١٠١٩٧) عن ابن مسعود.
قال الهيثمي (١/١٦٣) : فيه سوار بن مصعب وهو متروك.

<<  <  ج: ص:  >  >>