مدائن، وكان فيها أربعمائه ألف إنسان، وقيل: أربعة آلاف ألف، فرفع المدائن كلها حتى سمع أهل السماء صياح الديكة، ونبيح الكلاب، ولم يكفأ لهم إناء، ولم ينتبه نائم، ثم قلبها فجعل عاليها سافلها وأمطر الله بعد ذلك عليهم حجارة أي: على المسافرين منهم أينما كانوا في البلاد وكانت هذه الحجارة من سجيل أي: طين مطبوخ، وكانت صلبة وكان مكتوباً عليها اسم من يرمي بها كما قال تعالى: ?مُسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ? أي: معلمة باسم صاحبها، قيل: دخل رجل منهم الحرم قبل وصول الحجر إليه، فكان ذلك الحجر الذي أرسل إليه معلقاً في السماء أربعين يوماً حتى خرج من الحرم فأصابه فأهلكه، قال: ?وَمَا هِيَ? أي: عقوبتهم ?مِنَ الظَّالِمِينَ? أي: العاملين بعملهم ?بِبَعِيدٍ? [هود: ٨٣] .
قال عليه الصلاة والسلام:«لا تذهب الأيام ولا الليالي حتى تستحل هذه الأمة أدبار الرجال، كما استحلوا فروج النساء، فتصيب طوائف منهم حجارة من عند ربك» .
قال في نزهة المجالس جاء في الحديث:«أنه يؤتى يوم القيامة بأطفال ليس بهم رؤوس فيقول الله تعالى: من أنتم؟ فيقولون: نحن المظلومون، فيقول: من ظلمكم؟ فيقولون: آباؤنا كانوا يأتون الذكران من العالمين فألقوا في الأدبار، فيقول الله تعالى: سوقوهم إلى النار واكتبوا على وجوههم آيسين من رحمة الله»(١) .
ومن هذا القبيل سحاق النساء زنا بينهن.
وروي أن سليمان - عليه السلام - قال لإبليس: أي الأعمال أحب إليك، وأبغض إلى الله؟ قال: لولا منزلتك عند الله ما أخبرتك، إني لست أعلم شيئاً أحب إلىَّ وأبغض إلى الله من استغناء الرجل بالرجل، والمرأة بالمرأة، وأول من علم النساء السحاق بنت إبليس وتسمى الدلهان، رأت الرجال قد استغنوا بالرجال فجاءت إلى النساء في صورة امرأة وشهت إليهن ركوب بعضهن على بعضهن وعلمتهن كيف يصنعن قاله الثعلبي.
قال المتولي من الشافعية: إذا كانت المرأة تميل إلى النساء، وخافت من النظر إلى وجه المرأة وكفيها الفتنة لم يجز لها النظر كما في الرجل مع الرجل.
قال الأذرعي: وهذا مما يبتلى به ذوات السحاق.
(١) قال العجلوني في كشف الخفاء بعد أن ذكر الحديث (٢/٥٢٢) : نقل ابن حجر المكي في الفتاوي عن الحافظ السيوطي أنه موضوع.