للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من القائلين بهذا المذهب تسميته الولد بالقاسم، كي لا يكون سبباً لتكنيته والده بأبي القاسم، ويؤيد هذا قوله في الحديث: «إنما أنا القاسم» (١) فأخبر بالمعنى الذي اقتضى اختصاصه بهذا الكنية.

وذهب الإمام مالك إلى جواز التكني به بعد زمانه، وجعل النهي مختصاً بحياته - صلى الله عليه وسلم - قال: لأن الحديث ورد على سبب وهو: أن اليهود في زمانه تكنوا بهذه الكنية، وكانوا إذا رأوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينادون يا أبا القاسم فيلتفت - صلى الله عليه وسلم - فيقولون: لم نعنك، إظهاراً للإيذاء، قال: وقد زال ذلك المعنى.

وذهب بعضهم إلى: أنه لا يجوز هذه التكنية لمن اسمه محمد ويجوز لغيره، واختار هذا المذهب الرافعي وقال: يشبه أن يكون هذا أصح، لأن الناس لم يزالوا يكتنون به في جميع الأعصار من غير إنكار.

ورد النووي في الأذكار هذا المذهب وقال: فيه مخالفة لظاهر الحديث، واختار ما ذهب إليه الإمام مالك من تخصيص التحريم بحياته - صلى الله عليه وسلم - أخذاً من السبب المذكور.

وقال في الروضة: إنه أقرب المذاهب أخذاً من سبب النهي، وضعفه البيهقي ومع أنه مخالف لقاعدة: إن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، ثم قال: بل الأقرب ما رجحه الرافعي، وقال الأسنوي: إنه الصواب لما فيه من الجمع بين خبر الصحيحين المذكور وخبر: «من تسمى باسمي فلا يتكنى بكنيتي، ومن تكنى بكنيتي فلا يتسمى باسمي» (٢) وهذا الحديث رواه ابن حبان وصحح البيهقي إسناده.

فإن قيل: يشكل على ما قاله الرافعي تكنية سيدنا علي ولده محمد بن الحنفية بأبي القاسم، فإنه جمع بين الاسم والكنية، وأجابوا عنه بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رخص له في


(١) جزء من حديث صحيح متفق عليه ورد عن أكثر من صحابي فأخرجه البخاري (٥/٢٢٩٠، رقم ٥٨٤٣) ، ومسلم (٣/١٦٨٢، رقم ٢١٣٣) ، وأحمد (٣/٣٨٥، رقم ١٥١٦٩) ، والبيهقي (٩/٣٠٨، رقم ١٩١٠٧) عن جابر.
وأخرجه البخاري (١/٣٩، رقم ٧١) ، ومسلم (٢/٧١٩، رقم ١٠٣٧) ، وأحمد (٤/٩٩، رقم ١٦٩٥٦) عن معاوية.
(٢) أخرجه البيهقي (٩/٣٠٩، رقم ١٩١١١) وأخرجه أيضًا: أبو داود (٤/٢٩٢، رقم ٤٩٦٦) ، وأحمد (٣/٣١٣، رقم ١٤٣٩٦) ، والطيالسي (ص ٢٤١، رقم ١٧٥٠) عن جابر.
وأخرجه أحمد (٢/٣١٢، رقم ٨٠٩٤) ، وأبو يعلى (١٠/٤٤٩، رقم ٦٠٦٣) ، والبيهقي في شعب الإيمان (٢/١٤٦، رقم ١٤٠٩) عن أبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>