للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك كما قاله الشافعي وأصحابه، فإنه ورد في سنن أبي داود أن علياً قال يا رسول الله إن ولد لي من بعدك ولد اسميه باسمك وأكنيه بكنيتك؟ قال: «نعم» (١) .

وقال أحمد بن عبد الله: ثلاثة تكنوا بأبي القاسم رخص لهم: محمد بن الحنفية، ومحمد بن أبي بكر، ومحمد بن طلحة بن عبيد الله قاله ابن الملقن.

فإن قيل: يشكل على قول الرافعي أيضاً ما رواه أبو داود عن عائشة قالت: جاءت امرأة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله إني قد ولدت غلاماً فسميته أبا القاسم فذكر لي أنك تكره ذلك فقال: «ما الذي أحل اسمي وحرم كنيتي، أو ما الذي أحل كنيتي وحرم اسمي» (٢) .

أجاب شيخ الإسلام أبو الفضل ابن حجر عنه وقال: يشبه إن صح أن يكون قبل النهي لأن أحاديث النهي أصح يعني هذا الحديث المذكور ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل النهي عن التكنية بكنيته، وحينئذ فلا يشكل لأن المتاخر نسخه.

فائدة: لم ينه عن التسمية باسمه - صلى الله عليه وسلم - لأنه كان لا ينادى به غالباً ولو نودي به لم يجب إلا لضرورة قاله القاضي زكريا.

فائدة أخرى: التكني بغير أبي القاسم جائز بلا خلاف.

فائدة أخرى: المستحب إذا خاطب أهل الفضل ومن قاربهم أن يخاطبهم بالكنية، وكذا إذا كتب إلى شخص رسالة، وكذا إذا روى عنه روايته فيقول في الرسالة: السلام على أبي فلان. وفي الرواية: حدثنا الشيخ أو الإمام أبو فلان بن فلان. ومن الأدب أن الإنسان إذا كتب رسالة شخص أن لا يكتب كنيته فيها، بل ولا في غير الرسالة إلا أن لا يعرف إلا بالكنية، أو كانت الكنية أشهر من اسمه فله أن يكتبها، قال بعضهم: إذا كانت أشهر كتب اسمه وكتب بعده: المعروف بأبي فلان، ولنا عود إلى ذكر فوائد متعلقة بالكنية في محل آخر إن شاء الله تعالى.

وأما قوله - صلى الله عليه وسلم -: «ومن رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي» فقد اختلف العلماء في معناه فقال القاضي الباقلاني: معنى الرؤية أنها رؤية


(١) أخرجه أبو داود (٤/٢٩٢، رقم ٤٩٦٧) . وأخرجه أيضا الحاكم (٤/٣٠٩، رقم ٧٧٣٧) ، وقال: صحيح على شرط الشيخين. والبيهقي (٩/٣٠٩) ، وابن أبي شيبة (٥/٢٦٣، رقم ٢٥٩١٤) .
(٢) أخرجه أبو داود (٤/٢٩٢، رقم ٤٩٦٨) ، وأخرجه أيضا: البيهقي (٩/٣٠٩، رقم ١٩١١٤) ، وأحمد (٦/١٣٥، رقم ٢٥٠٨٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>