يصلي ركعتين ثم يستغفر الله إلا غفر له» (١) ثم فراغه يتوسل إلى الله في قبول توبته، فقد قيل: إن الله سبحانه وتعالى لما أراد أن يتوب على آدم، أمره جبريل أن يتوضأ ويتوسل إلى الله تعالى.
كما نقل عن ابن عباس أنه قال:«لما أصاب آدم الزلة أهبط على الأرض إلى جبل «سرنديب» وهو يبكي، فلما طال بكاؤه وهبط إليه جبريل فقال: يا آدم كم هذا البكاء ألم تعلم أن الله تعالى جعل الماء طهوراً، والإيمان نوراً؟ فقال: نعم، قال: قم واغسل الأعضاء التي قصدت بها الزلة، وتوجه إليه، وتوكل عليه، فقام آدم وتوضأ وصلي وجعل يقول: ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين فتقبل منه وغفر له» .
وقيل: إن آدم في مدة بكائه كان واضعاً وجهه على الأرض لله وهو يبكي حتى نبت العشب حول وجهه من دموعه وغطى رأسه، وكلما ذكر زلته يتأوه ويصيح فيخرج من فمه نفس يُسوِّد العشب، فلما أراد أن يتوب عليه ناداه يا آدم يا صفوتي فلم يجب ربه، فناداه ثانيا فلم يجبه، فناداه ثالثاً فلم يجبه، فارتعدت الملائكة من الخوف وقالوا: أهلكنا فإن آدم لم يجب ربه، فنزل جبريل وقال: يا آدم ألم تسمع نداء ربك؟ قال آدم: نعم أسمع نداءه وهو يقول: يا صفوتي، فكيف أكون صفياً وأنا قد عصيت، وظننت أنه خلق غيري وهو يناديه، فإن كان النداء لي فلبيك اللهم لبيك، فنودي وهو على تلك الحال: يا آدم ما كنت تقول في قلبك قبل ندائي لك وأنا علام الغيوب؟ قال: يارب كنت أقول: ومن يغفر الذنوب إلا الله، وكلما تذكرت ذنبي انكسر قلبي، فقال الله تعالى: يا آدم ألم تعلم أني عند المنكسرين من أجلي إذا لم يقطع عبدي الرجاء.
في صحيح مسلم في حديث مطول عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «ما منكم رجل يقرب وضوءه فيتمضمض ويستنشق فينتثر إلا خرت خطايا وجهه وفيه وخياشيمه، ثم إذا
(١) أخرجه الترمذي (٢/٢٥٧، رقم ٤٠٦) وقال: حسن. وأخرجه أيضا: أبو داود (٢/٨٦، رقم ١٥٢١) ، ووالنسائي في الكبرى (٦/١٠٩، رقم ١٠٢٤٧) ، وابن ماجه (١/٤٤٦، رقم ١٣٩٥) ، وابن حبان (٢/٣٨٩، رقم ٦٢٣) ، وأبو يعلى (١/٢٥، رقم ١٥) ، والبيهقي في شعب الإيمان (٥/٤٠١، رقم ٧٠٧٧) ، والضياء في الأحاديث المختارة (١/٨٢، رقم ٧) وقال: إسناده صحيح. والطيالسي (١/٢، رقم ١) ، وابن أبي شيبة (٢/١٥٩، رقم ٧٦٤٢) ، وأحمد (١/٢، رقم ٢) ، والحميدي (١/٤، رقم ٤) عن أبي بكر.