للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل: لأي شيء اقتصر أبو هريرة حين سأله الرجل عن الحدث على بعض الأسباب وقال له في الجواب: «فساء أو ضراط» مع أن الحدث يحصل بغيرها كما ستسمعه؟

فالجواب: أن أبا هريرة إنما اقتصر على ذلك لأنه الذي كان يجهله هذا الرجل الأسباب فعلمه ما يجهله منها أو أنه أجابه عما يحتاج إلى معرفته في غالب الأمر، أو أنه عما يقع من الأسباب في الصلاة غالباً، ولم يذكر غيرها كالبول مثلاً لأنه لا يعهد وقوعه فيها، بدليل قوله في الحديث الآخر الآتي: لما سئل عن الرجل الذي يخيل إليه أنه يجد الشيء أي الحركة التي يظن بها أنها حدث، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا ينفتل ولا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً» (١) أي لا يخرج من صلاته حتى يعلم وجود أحدهما يقيناً بالسماع وبالشم.

والانفتال: بمعنى الانصراف.

وقوله: «لا ينفتل» بالرفع على أنه نفي، وبالجزم على أنه نهي.

«أو لا ينصرف» شك من الراوي وهو عبد الله بن زيد بن عاصم المازني.

السبب الأول (٢) : خروج شيء من قبله أو دبره ولا فرق بين أن يكون صوتاً أو ريحاً، ولا فرق بين الرجل والمرأة في ذلك، ولا فرق بين أن يكون الخارج طاهراً كالحصاة أو نجساً، ولا بين أن يكون معتاداً كالبول والغائط، أو نادراً كالدم، ولا فرق في الخارج من قبل المرأة بين أن يكون من مخرج أو من غيره كمدخل الذكر، ولو أخرجت دودة رأسها من فرجها ثم رجعت انتقض الوضوء، ودبر الخنثي المشكل ينتقض الخارج منه كغيره والخارج من قبليه جميعاً، أما الخارج من أحدهما فإنه لا ينتقض.

ومن خلق له ذكران فإن كان يبول منهما انتقض الوضوء بالخارج من أحدهما، وإن كان يبول من أحدهما فالحكم له أي: ينقض الخارج منه فقط، والآخر زائد لا يتعلق به نقض قاله الأسنوي وغيره.


(١) أخرجه البخاري (١/٧٧، رقم ١٧٥) ، ومسلم (١/٢٧٦، رقم ٣٦١) ، وأبو داود (١/٤٥ رقم ١٧٦) ، والنسائي (١/٩٨ رقم ١٦٠) ، وابن ماجه (١/١٧١، رقم ٥١٣) ، وأحمد (٤/٤٠، رقم ١٦٤٩٧) ، وابن خزيمة (١/١٧، رقم ٢٥) ، والحميدي (١/٢٠١، رقم ٤١٣) ، وأبو عوانة (١/٢٠١، رقم ٦٥٠) .
(٢) أي من أسباب الحدث أو خروج شيء من أحد السبيلين وقد مر أنها أربعة أسباب.

<<  <  ج: ص:  >  >>