للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وغيره.

فائدة أخرى: قد بقي من هذه العنزة قطعة في مكان في مصر يقال له: «الآثار» سمي بذلك لأن فيه شيئاً من آثار النبي - صلى الله عليه وسلم -.

قال الشيخ برهان الدين المحدث: زرت الآثار مراراً، ورأيت فيه قطعة من هذه العنزة، ومعه المرود الذي كان يكتحل به - صلى الله عليه وسلم - والمخصف، وقطعة من القصعة، ومنقاشاً صغيراً وكأنه لإخراج الشوك من الرجل وغيرها، قال: واكتحلت بالمرود، وشربت من ماء وضعت فيه القطعة من العنزة، فهنيئاً لمن رأى آثار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - متبركاً به، فإن من رأها فكأنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم -.

ولقد أحسن من قال:

يا عين إن بعد الحبيب وداره ... ونآت مرابعه وشط فراره

فلك الهنا فلقد ظفرت بطائل ... إن لم تريه فهذه آثاره

فائدة أخرى: الحكمة في استصحابة - صلى الله عليه وسلم - هذه العنزة إلى الخلاء هي: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان قد يأتي إلى أرض صلبة فيحفر بها تلك الأرض، ويلين ترابها ليبول في موضع لين كيلا يصيبه الرشاش.

وإنما كانت تحمل معه في السفر وغيره لأجل أن يصلي إليها في الفضاء، ويتقي بها الكافرين واليهود، فإنهم كانوا يريدون قتله واغتياله بكل حالة.

قال ابن رجب: هذه العنزة كانت تحمل مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في الأسفار وفي يومي العيدين، يصلي إليها حيث لم يكن هناك جدار يستتر به.

وجاء في الصحيحين عن ابن عمر قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا خرج يوم العيد أمر بالحربة فتوضع بين يديه فيصلي إليها والناس وراءه، وكان يفعل ذلك في السفر، وكان يحمل هذه ويمشي بها أمامه عبد الله بن مسعود (١) .

قال ابن رجب: كان عبد الله بن مسعود يلبس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نعليه ثم يمشي بالعصا أمامه، حتى إذا أتى مجلسه نزع نعليه ثم مشى بالعصا أمامه، حتى يدخل الحجرة قبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن أجل هذا اتخذ الأمراء من يمشي أمامهم قاله ابن الملقن.


(١) أخرجه البخاري (١/١٨٧، رقم ٤٧٢) ، ومسلم (١/٣٥٩، رقم ٥٠١) . وأخرجه أيضاً: أبو داود (١/١٨٣، رقم ٦٨٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>