للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذلك.

فذهب أبو حنيفة وأصحابه، إلى ثبوتها في كل شيء من العقارات والمنقولات.

مستدلين على ذلك بصدر الحديث الذي معنا، قضى بالشفعة في كل ما لم يقسم.

وبما رواه الطحاوى عن جابر قال: " قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل شيء ".

وعندهم، أن الشفعة جاءت لإزالة الضرر الحاصل بالشركة والقسمة، ولذلك كلفة ومؤنة.

وبعض العلماء- كالقاضي عياض وابن دقيق العيد- عَدوا هذا القول من الشواذ.

وذهب مالك، وأهل المدينة، والشافعي، وأحمد، وإسحاق: إلى أنه لا شفعة للجار، ولا للشريك المقاسم، بل تثبت بالعقار الذي لم يقسم.

فإذا وقعت حدوده، وصُرِّفت طرقه، فلا شفعة عندهم.

وهو مروىُ عن عمر، وعثمان، وعلىّ رضى الله عنهم.

واستدلوا على ذلك بحديث الباب " فإذا وقعت الحدود، وصرفت الطرق فلا شفعة".

قال الإمام أحمد: إنه أصح ما روى في الشفعة.

وفي البخاري عن جابر " إنما جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الشفعة في كل ما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود، وصرفت الطرق فلا شفعة ".

وفي سنن أبي داود عن أبى هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا قسمت الأرض وَحُدَّتْ فلا شفعة فيها " إلى غير ذلك من الأحاديث.

ولأن الشفعة إنما أثبتها الشارع لإزالة الضرر اللاحق بشراكة العقارات التي تطول ويصعب التخلص منها بالقسمة، وتستوجب أعمالا وتغييرات، ولها

مرافق وحقوق، وكل هذا مدعاة إلى جلب الخصام والشجار، فثبتت لإزالة هذه الأضرار.

أما غير العقارات المشتركة، فلا توجد فيها إلا نسبة قليلة من الضرر يمكن التخلص منها بالقسمة، أو البيع، أو التأجير.

والجار ليس عنده هذه الأضرار مادام غير مشارك، ولو أثبتنا للجار لشاعت القضية فما من أحد إلا وله جار.

وذهب بعض العلماء- ومنهم الحنفية- إلى ثبوتها للجار مطلقاً، سواء كان له مع جاره شركة في زقاق، أو حوش، أو بئر ونحو ذلك، أو لم يكن.

<<  <   >  >>